الحب يرغمنا بلا وعي ان نفقد ذاكرتنا بكل طواعية، لنغتال هذا الشعور الفوضوي داخل قلوب وشِمَ اصحابه باللهفة و الحنين و استعذبوا الوجع من فرط حنانهم ليلتهموا الوقت اشتياقا، فتطير هي أنثى فوق حدائق الخيال، فتثمر ثم يسبح في احداقها فتصبح الألق من وهجه، و يكون هو كعطر شارد من زجاجة قيّدته وحبست انفاسه ليلتقيا أخيرا بعدما تعثر القلب على سلم درجات الحب ووقع وهو يحاول الوصول كل ليلة.

إنّ أغرب ما في الحب ذلك الصوت المخادع الذي قد يسحبنا نحو الهروب في عز ساعات الاحتياج،و إن دقّ القلب حنينا نادى ليقترب و يتسلق الصعب في انتظار موعد واهم، فأولى درجات الحماقة عندما نقرر أننا لن نحترق بنيران أي انتظار، وأننا سنحب قليلا و نشتاق رويدا و نتلهف نادرا فنقع في شر الهزيمة من بداية الجولة الأولى عراة من أسلحة الدفاع و الرفض، بعد أن تأكل أرض استقرارنا الزائف رياح المشاعر الجارفة، فتكتب تاريخا و تمحي تاريخا دون أي رفق..

غالبا الحب يبدأ بقطرة تبلل أرواحنا، إلا أن الكبرياء هو أشد الاعداء، وعند منعطف اليقين يبقى الحب معلقا في الروح بايقاعات قلب لا تنصاع للكتمان، فالليل يشرق فجرا في دفتر عاشق وحيد يسطر على الأفق استثنائية هواجسه، فهو لن يملك ان ينجو من ذاكرة منفية تحدّق في موج الحنين.

الاشياء الجميلة تربكنا، والحنين يرمي بنا على اشواك الحواف بقسوة..بعض السكون ضجيج لا يحتمل، فلماذا حين نحب بقوة...نتناقض بقوة؟؟

ما عاد استجداء الكلمات أيها الحزين يقدم تفسيرا لسيف البوح المغموس في احرف البال، اخرج من مخاض الحوار هائجا مقاتلا و ازهر احساس بعض الحب لا يحتاج الكثير من تفكير،اسمح بتلقائية للجمل المستحيلة ان تتكاثر، وأرفع هذا الحد الفاصل بين ما جاز،ما يجوز و ما لا يجوز احيانا، لا تهم كل تلك التفاصيل،نحتاج احيانا ان نسبح من هيام على وجه احلام تتلاقفنا بين موج مشاعر علا علا و موج خوف انخفض انخفض، حتى نعود الى رحم البدايات، فتولد فينا اللهفة من جديد على هامش تعثرنا بوجه ينبت الدفء، فكل تلك اللغات التي ابتدعها حرف محب، انفجرت لحظة اعتقال الحرف على يد شاعر.

*(الاشياء الجميلة تربكنا والحنين يرمي بنا على اشواك الحواف بقسوة..بعض السكون ضجيج لا يحتمل،إنما حين نحب بقوة...نتناقض بقوة)

 

الدستور