تغريدة وزير الخارجية، بخصوص أداء البعثات الأردنية في الخارج، مهمة، فهي تحوي نقدا ذاتيا، على الرغم من ان هذا ارث متواصل على مدى عقود، وهو ارث بالمعنى الإيجابي والسلبي، فهناك بعثات تخدم الأردنيين، وهناك بعثات مقصرة.
ما يتوجب قوله للوزير ان اول القضايا المهمة التي تتعلق بأداء السفارات، يتعلق فعليا بعدم اهتمام اغلب هذه السفارات بما قد يتعرض له الأردنيون من مشاكل او حوادث، او أي ظروف أخرى، وعلى الاغلب تغيب السفارات، عن المشاكل التي يواجهها الأردنيون، على عكس سفارات عربية واجنبية.
الذي يجرب الاستغاثة بسفارة بعد انتهاء الدوام لن يجد أحدا، بل ان اغلب البعثات تتجنب مشاركة الأردني، أي مشكلة في مركز امن، او مستشفى او جامعة، بأعتبار ان ذلك ليس من عملها، وانها ليست مسؤولة عن أخطاء الأردنيين ومشاكلهم.
سمعت دبلوماسيين يقولون ان سبب ذلك يعود الى امرين، أولهما ان رواتب السفراء والدبلوماسيين قليلة ماليا، مقارنة بكلف البلد الذي يعيشون فيه، على الرغم من الحسد الذي ينهمر على رؤوس الدبلوماسيين، وهم لايقدرون في اغلب الحالات، ان يتابعوا هذه القصص، لان بعضها خارج العواصم، ولان بعضها بحاجة الى كلف مالية، ولان السفارات ذاتها، لاتمتلك مخصصات مالية، لهكذا إشكالات، ولايمكن لها، ان تخصص حتى مستشارا قانونيا، او جهة لتتابع أي قضايا من هذا القبيل.
يضاف الى ذلك الفهم السائد ان السفارات ليست وظيفتها الدخول في مشاكل الأردنيين في الخارج، خصوصا، في الدول التي توجد بها جاليات اردنية كبيرة، او موزعة على مناطق قريبة وبعيدة، والخلاصة ان الأردنيين في هذا الجانب، لايشعرون ابدا بوجود سفارات تمثلهم، الا اذا ابرقت الخارجية لهذه السفارة او تلك بالتحرك في هذه القضية او تلك.
النقطة الثانية تتعلق بشعور بعض أعضاء الهيئات الدبلوماسية الأردنية، بكونهم في مناصب تكريمية فخرية، تجعلهم أحيانا، ولانعمم على الجميع، يشعرون انهم اكبر من المراجع الأردني، وهذه الحالة حصرا، نراها اكثر لدى غير الدبلوماسيين، وبين الموظفين المحليين، من الأردنيين او من جنسيات اجنبية، وبرغم ان الموظفين المحليين يشكون سوء ظروفهم المالية، أيضا، ويرون في أعضاء السلك الدبلوماسي، فوقية في تعاملهم معهم، الا انهم أيضا جزء من المشكلة، كما هم جزء من الحل، باعتبارهم يتعاملون مع المراجعين.
هناك نقطة مهمة، تتعلق بسرعة انجاز المعاملات، ولاننكر هنا، ان هناك معايير محددة، وان العمل يجري وفقا للفترة، فما تواجهه السفارة في الشتاء، يختلف عن الصيف، جراء الاجازات، وغير ذلك، والمقترح هنا، إيجاد حلول لخفض الفترات الزمنية، وهذا جانب مهم جدا، يخفف على الأردنيين في الخارج.
كلما وقعت حادثة في بلد ما، يخرج علينا متحدث رسمي ليقول ان الأردنيين بخير، فيستغرب البعض الكيفية التي حسمت بها السفارة الامر، والحقيقة، ان كل السفارات لا ذاكرة الكترونية لديها حول أسماء الأردنيين، ولا عناوينهم، وكل القصة تتعلق بسؤال سلطات البلد الذي يقع فيه زلزال او انقلاب، ويسقط ضحايا، اذا ماكان هناك ضحايا أردنيون، ونحن نقترح هنا، تأسيس ذاكرة الكترونية يكون فيها التسجيل اجباريا، عبر موقع الكتروني مخصص، لكل دولة فيها سفارة اردنية، وبحيث تمتلك كل سفارة معلومات كاملة عن أماكن الأردنيين واعمالهم، لاعتبارات كثيرة، اقلها الاستفادة من هذه الذاكرة في ظروف معينة، وهناك دولة تفرض على كل مسافر التسجيل عبر نظام الكتروني لوزارة الخارجية، حتى لو كان سائحا مغادرا الى الخارج.
سابقا تم طرح مشروع لتأسيس صندوق الأردنيين في الخارج، والقصة ليست جمعا للمال، فلو اشترك المغتربون في هذا الصندوق، برسم بسيط، سنويا للعائلة الواحدة، او للفرد، لجمع الصندوق مالا كثيرا، يتم استعماله في حالات الطوارئ، او اصدار تذكرة سفر لمتضرر، او حتى مساعدة اردني في علاج، او مشكلة، وهذا الصندوق لو تم تاسيسه منذ عقود، لكانت موجوداته المالية بمبالغ مالية كبيرة جدا، دون ان نتورط هنا، في جباية المال، وفرض ضريبة على الأردنيين في الخارج، لكنه صندوق تضامني، تصب أمواله في حساب للخارجية، ويخصص منه مبلغ سنوي لكل بعثة، وفقا لعدد الجالية، وهي أموال تستعمل في قضايا كثيرة، لصالح الأردني في الخارج، ضمن أسس مقنعة وشفافة ومفيدة.
ملف السفارات ملف قديم جديد، ولابد من الوقوف عنده، ويكفينا اليوم، ان أي شخص عربي او اجنبي، اذا قرر مراجعة سفارة اردنية في الخارج، طلبا لدراسة، او نشرة دعائية، او رأي قانوني، او نصيحة استثمارية، لما وجد شيء من هذا، وهذه بحد ذاتها قصة أخرى.
الدستور