لا نسامح من يضرب طفلاً في المدرسة
أحمد جميل شاكر
03-12-2008 02:54 AM
حتى عندما كنا تلاميذ في المدرسة كانت ظاهرة ضرب المعلمين للطلاب مألوفة ومنتشرة ، سواء لمن تأخر عن المدرسة ، او أحدث مشكلة ، او حتى قصر في احد الدروس.
على ارض الواقع ، كنا نحسب الف حساب للمعلم الذي يعاملنا باحترام كبير ، ويشجعنا على الدراسة ، وينمي في نفوسنا الكرامة ، والاعتزاز ويعزز فينا اسلوب الحوار.
كان في كلية الحسين استاذ ندعو له الان بطول العمر ، وهو الاستاذ احمد الحياري ، وقد تقلد العديد من المناصب كان آخرها مديراً لجمرك العقبة ، وكان يتولى تدريس مادة اختيارية لطلبة التوجيهي من المواد العلمية وهي مادة الكيمياء العضوية وقد كان متمكناً من مادته ، ومريحاً في الشرح ، وباذلاً كل جهده لايصال المعلومة الى قلوب الطلاب قبل عقولهم ، واذكر ان الاستاذ الحياري ، انضم اليه اكثر من 120 طالبا لدراسة مادة الكيمياء العضوية ، بينما تجمع نحو ثلاثين طالباً فقط في صف واحد لدراسة باقي المواد وهي الفيزياء والاحياء والرياضيات.
الاستاذ احمد الحياري لم يحمل في يده عصا ، او حتى مسطرة لكنه يحمل اكثر من ذلك ، وهو خلقه الرفيع الذي أسر الطلبة وجعلهم يقبلون على مادته بكل شغف ، حتى اننا طلبة تخصص الكيمياء العضوية كانت علاماتنا هي الاعلى في امتحان الثانوية العامة.
اما الذين كانوا يمارسون عملية الضرب ، فقد كانوا في عزلة ، وجسور الحوار معهم مغلقة ، وبعضهم من غير المتمكنين في مادتهم ، ويغطون عجزهم بسطوة العصا والضرب.
نقول هذا الكلام ونحن نشد على أيدي جلالة الملكة رانيا العبدالله ، وهي تعلن وبصوت عال ان ضرب الاطفال والطلاب يعتبر خطاً احمر ، وان السنوات الماضية جعلتنا نشعر بالألم العميق والدهشة ، ونحن نسمع عن قصص مؤلمة في مدارسنا ، فهذا معلم ضرب تلميذاً حتى اصبح في حالة الخطر ، وذاك معلم أقدم على ممارسة كل انواع الضرب ضد طالب صغير مما احدث معه عاهة دائمة او ارتجاجاً في المخ ، وهذا وهذا الى ان وصل الامر الى نتائج عكسية لا تتناسب والعملية التربوية والتعليمية ، وهي اقدام الطلبة على ضرب اساتذتهم ، ومن ثم توجه الاهالي لضرب الاستاذ بعد ان كان المعلم قبل عقود هو الاب ، والاخ الكبير ، والراعي لكل طلبة مدرسته.
لقد جاءت كلمات جلالة الملكة رانيا العبدالله لموقع عمون الاخباري في هذا الصدد قوية مدوية ، حيث دعت الى عدم الوقوف مكتوفي اليدين امام ظاهرة ضرب التلاميذ بدءاً بوزارة التربية والتعليم لان المرء يسامح نده ورديفه ، لكننا لا نستطيع مسامحة من يؤذي طفلاً.
وتساءلت جلالتها قائلة: متى اصبح الضرب في المدارس مقبولاً؟ ومتى قبلنا وتقبلنا به ، خفيفة ، وثقيلة ، جزء من تعليمنا ومشهد لا يستدعي التوقف عنده.
في المدرسة سيتعلم الطفل للمرة الاولى احترام الغير ، واحترام القانون ، ومن هم اكبر منه سناً وعلماً ، وهناك سيتعلم اطفالنا ان الاحترام يكتسب ولا ينتزع ، لكنه يعلم.. ولا يطبق بحد العصا ولا بالصراخ ولا بالتهديد وأي طفل يصبح العنف جزءاً من واقعه عار علينا جميعاً ، مسؤولين ومديرين ، ومدرسين واهالي.
اننا نأمل ان تصل رسالة الملكة الى كل معلم ومعلمة ، وان يبدأوا عهداً جديداً بنبذ الضرب ، والتهديد والتعنيف وان يبقوا حملة رسالة في التربية والتعليم والتهذيب ، وان يكونوا القدوة للاجيال القادمة.
** الزميل الكاتب مساعد رئيس تحرير صحيفة الدستور .