قصة قصيرة مهداة إلى وزير الزراعة،،،
بالغ الزوج الشاب في الثناء على طبيخ زوجته؛ هو دائما يثني عليه، ولكنه هذه المرة كان يعني ما يقول:
-"أزكى صينية خضار بدوقها بحياتي يا حياتي.. ويا عمري.. ويا روحي.. ريتو تسلم هالانامل.. وهالادين.. وهالرجلين.. وهالشفايف.. وهالعيون.. الخ الخ الخ"!!
انتشاؤه بنكهة الطعام غير المسبوقة، وابتهاجها بجرعة المديح المضاعفة، استثار كليهما، وقادهما إلى السرير خارج أوقات الروتين المعتاد.
حتى أن الأمر قد انعكس على أدائهما في السرير؛ هو لا يذكر أنها كانت يوما بمثل هذه الشهية والجرأة والتطلّب، وهي لا تذكر أنه كان يوما بمثل هذا الاندفاع والشراسة والنفس الطويل!!
بينما هو مستلقٍ بارتخاء واسترخاء يتلذذ بأنفاس سيجارته، وبيده الثانية يداعب شعرها ويربت على رأسها الذي يتوسد صدره الأمرد، كان يردد بينه وبين نفسه من دون أن يجرؤ على المجاهرة بأفكاره:
-"وأخيرا نصايح أمي بالطبيخ أثمرت فيكي يا حوبة.. الله يخلف عليكي يا حجة"!!
ولم يكن يدري أن الأمر ليس له علاقة من قريب أو بعيد بمهارات الطبيخ أو بنصائح والدته، وصفة زوجته هي وصفتها، وطريقتها هي طريقتها، كل ما هنالك أن بائع الخضار في حارتهم قد غيّر مورِّده، ومتبقيات المبيدات الحشرية في خضراوات المورِّد الجديد هي لماركات أجنبية أغلى وأفخر من مبيدات المورِّد القديم!!
حين أصابه سرطان الفم بعد عشر سنوات، وأمتد إلى الحنجرة والبلعوم، بقيت تعدّ له الخضراوات على الغداء، ولكن ليست مطبوخة بالفرن، وإنما مسلوقة ومضروبة على الخلاط حتى يستطيع بلعها..
وعند هذه المرحلة لم تعد تهمه نكهة الطعام، فهو أساسا قد فقد قدرته على التذوق والتمييز بين أصناف المبيدات.. عفوا بين أصناف الطعام!!