أحد لا ينكر خطر الإرهاب ولعنته ورعونته وعدواه وضرورة مواجهته بكل قوة وعزيمة ..لكن يجب أن نركّز أكثر بوسائل مكافحته، حتى لا تصبح كلمة «الإرهاب» موضة تركّب على كل شيء..من غير المنطق أن أواجه الدب بمحرمة أو اعترض صاروخ «توما هوك» بحبّة قضامة..هناك «زبَدٌ» كثير يضيع في الثرثرة على حساب «الزبدة» السائحة مع الوقت..
تعقد ندوة عن خطر الإرهاب يحضرها رجال متأنقون وسيدات فاضلات ينشغلن معظم الوقت في الرد على رسائل «الواتساب»، والحديث بمجمله مثل ماء النافورة ينبع من ذات المصب ويصبّ في ذات المنبع والكلام يثير النعاس والضجر والاشمئزاز ، ماذا عالجنا وماذا أضفنا؟لا شيء ..أصلاً المتطرّفون لا يحضرون هكذا ندوات حتى يرتدعوا أو يقتنعوا..
القصة برمّتها صارت موضة..إذا أردت أن تحصل على تمويل للملتقى أو «رعاة للجلسة الحوارية» أو تضمن حضور شخصية سياسية ، تحدّث عن الإرهاب فهو البضاعة الرائجة في زمن الكساد..شاب صغير يطلق ألبوماً على موسيقى «الراب» تتحدّث عن مكافحة الإرهاب لا يسمعها الا هواة الراب فقط «ولك هظلاك بيسمعوش راب أصلا»..!!.المسلسل البيّاع في رمضان هو ذلك المسلسل الذي يتحدث عن الإرهاب ، روايات تبحث عن «اسم في السوق» تتحدّث عن الإرهاب ، مباريات وديّة تجرى تحت شعار مكافحة الإرهاب، حتى صار يخيّل إلي أن صالونات التجميل سوف تبتدع قصّة جديدة اسمها تسريحة «مكافحة الإرهاب»، يوجد لدينا بودي كير مانيكير،إزالة الشعر ع الليزر وتسريحة مكافحة الإرهاب..أو تذهب إلى المقهى مثلاًَ يقول لك العامل : عندنا يا باشا ، أرجيلة تفاحتين، ليمون ونعنع، بطيخ ،علكة ومستكة ، وأرجيلة المحل «مكافحة الإرهاب»..
قد يقول قائل..الا يعدّ كل ما ذكر بما فيه مبالغات الكاتب حراك توعوي في مكافحة الإرهاب، أنا لا أراه كذلك..أنا أراه ركوب الموجة ،واستغلال قضية معقّدة وخطيرة في تحقيق مكاسب مادية وترويج عن الذات وزيادة في انتشار منتج فني او أدبي أو اجترار الهبل نفسه ..من يّدعي مكافحة الإرهاب بندوة أو مؤتمر تماماً كمن يدّعي علاج السرطان «بحبّة البركة»...لا ترموا رسائلكم في الهواء ،ضعوها في صندوق البريد، إذا أردت أن تحارب الإرهاب الحق الخيط وصل الى رأس الفتيلة..
الرأي