facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




عمّان ام المبادرات


د. لؤي بواعنة
07-05-2017 08:44 PM

بهذه الكلمات العذبة الرقيقة الموزونة والمحسوبة والمدروسة وصف دولة الصادق المهدي رئيس وزراء السودان الاسبق ورئيس المنتدى العالمي للوسطية مدينة عمان، بانها اصل، المبادرات ورائدتها بل وامها، التي تعالج شؤون الامة العربية والاسلامية المعاصرة، وتحدياتها وانقساماتها والدعوة لوحدتها والرجوع لقيمها الاسلامية الاصيلة، وذلك اثناء كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاسلام والتحديات المعاصرة في ظلال رسالة عمان المنعقد في عمان بين 27_29من هذا الشهر في عمان، بقوله "عمان من أكثر العواصم العربية انتاجا للسلع العامة بدعم من عاهلها وحكومتها وشعبها، السلع العامة لا تؤكل ولا تشرب، بل مبادرات وافكار تغذي العقول والقلوب".

فعلا هكذا عمان كانت وستكون بعون الله وحفظه، جامعة للامة لا مفرقة، فيها يجتمع العلماء والساسة، يؤمنون بالحلول السلمية والسياسية لا بالحلول العسكرية، وهذا ما اكده جلالة الملك في اجتماعه الاخير مع الصحفيين. هذه عمان ومرتكزاتها وافكار رسالة عمان وشروحاتها، انها وثيقة تاريخية وحضارية يؤخذ بأفكارها ورؤاها حتى بعد ثلاثة عشر عاما من انطلاقها، يتنادى العرب والمسلمون من شتى انحاء المعمورة شرقها وغربها، من اندونيسيا، وموريتانيا، والمغرب والسودان ومصر ولبنان وفلسطين والسعودية والباكستان وروسيا وتركيا، لتحليل بنودها والقيم التي احتوتها، والمسائل التي عالجتها والتي هي من صلب الاسلام واساسه، والتي تقوم على الوحدانية والتعاون والعمل، والوحدة وليس التنازع. هذه الرسالة التي عززت دور العلماء وأهميتهم لحال الامة ومعالجة قضاياها، الا انهم في ظل الثورة الخلاقة، والربيع العربي والعولمة وخطرها، غاب دورهم، فظهر بدلا منهم اولئك الذين شوهوا الاسلام بأفكارهم المشبوهة، فأجازوا القتل وحللوه، حتى لإخوانهم المسلمين لخلاف في الرأي وغيره، او لمعاداة الحاكم او الدولة.

اننا كأمة اسلامية اليوم بحاجة لعلماء الوسطية الذين يوحدون ويقربون، وينادون بأخلاق هذا الدين السمح، التي ربانا عليها رسولنا الكريم الذي جمع فئات المدينة المنورة كلها في مدينته، وجعلهم مواطنين وان اختلفوا في الدين، ودعا للرأفة وحق الجوار، وخلفاؤه من بعده. اننا بأمس الحاجة لعلماء يعلموننا ما قام به الخليفة عمر بن الخطاب عندما امر بمساعدة الذمي الذي جاء يطلب صدقة بعد ان كبر به العمر بعد ان اعطى الدولة في شبابه، بقوله "فوالله ما انصفنا، ان أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، انما الصدقات للفقراء والمساكين، والفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين من اهل الكتاب " وعم ذلك في انحاء الدولة الاسلامية.

انها رسالة عمان التي نمت وخرجت من رحم الاسلام السمح، اسلام الاخلاق والقيم والحب واحترام الاخر، فعالجت بنصوصها وأفكارها هموم الامة، وقدست كرامة الانسان وحقوقه ودعت للمساواة والحرية ضمن الضوابط واوجبت الالتزام بمكارم الاخلاق، واوجبت الجهاد الذي يكون ردا للعدوان.

واختتم الصادق المهدي حديثه وفهمه لمبادرة رسالة عمان بكلمات جوهرية، واذ رأى اننا بحاجة لصحوة فكرية تلتزم بالحقائق الغيبية والبرهان العقلي في عالم الشهادة، والى الاجتهاد الفقهي على اساس الحكمة، والتدبر، واستصحاب النافع، والعقلانية، والاولويات الصحيحة، والتدرج، واتباع قاعدة: معرفة الواجب اجتهادا والاحاطة بالواقع والتزاوج بينها كما قال ابن القيم. وفي هذا كله نقد لواقع الامة وما تعانيه من فجوة شرعية وقصور عن الجدوى العصرية، والتي كانت سببا في فراغ الامة، وما آلت اليه من كوارث الربيع العربي، والاصل في مقاييس الجدوى العصرية ان تقوم العلاقة بين الحكام والمحكومين، على المشاركة، وان يقوم الاقتصاد على تنمية توفير سبل المعيشة والعدالة. فعلا ان الامة بحاجة لمراجعة شاملة لمشاريعها وخططها وأساليب تعلمها وحياتها وعلاقات طوائفها مع بعضها البعض ومراجعة وتصحيح لمستقبلها وسياساتها وانظمتها وفق طريق يحقق مصالح الجميع، دون الاضرار بأيهما، وفق نظام وسطي معتدل متسامح، يحقق الالتزام والمعاصرة والتقدم، دون مغالاة ولا تهاون ايضا..

أما آن الاوان لامة العرب والاسلام ان تتنادى للمبادرات السليمة الصحيحة النابعة من تسامح الاسلام، ووسطيته، وخلقه، والإصغاء لعلماء الامة الوسطيين المعتدلين الغير مغالين، لا للغة الحرب والمدافع، ولا للغة التحريض، والطائفية المقيتة، ولا للجهلاء من ابناء الامة ولا لفتاويهم الخلافية من داعشية وغيرها، وغيرهم، بل لدعاة الوحدة والحوار، والسلام والوفاق، لكي نضمن ليلا هادئا لأبنائنا، ومستقبلهم وأمنهم، بعيدا عن تدخل العابثين ومخططاتهم بنا.





  • 1 محمد.قصاد 08-05-2017 | 06:00 PM

    احسنت يا دكتور


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :