ماكينة الانتخابات تدور في "الداخلية"
فهد الخيطان
11-04-2007 03:00 AM
الفايز يرفض الحوار مع الاسلاميين على شروط المشاركة والحكومة تسعى لاستقطاب نصف مليون ناخب جديد
الاشهر القليلة المقبلة حاسمة بالنسبة لوزارة الداخلية, ففي موسم الانتخابات عادة ما يتصدر وزير الداخلية واجهة الاحداث فما بالنا لو كان الموسم هذا العام موسمين, انتخابات بلدية »كاملة« ومن ثم نيابية ستجرى في بلد يواجه تحديات اقليمية غير مسبوقة.يشعر وزير الداخلية عيد الفايز بحجم التحدي لكنه واثق من قدرة اجهزة الحكومة على ادارة الانتخابات من الناحية الاجرائية واللوجستية باقتدار, ويدرك الفايز ايضا حجم التحدي السياسي لحدث مفصلي كالانتخابات سيخضع بالضرورة الى مراقبة الخارج والداخل.
اجرائيا تنوي وزارة الداخلية قريبا فتح باب التسجيل لاضافة الناخبين الجدد. جداول الناخبين الآن تضم حوالي مليون ومئة الف ناخب وهناك نحو مليون ونصف غير مسجلين من بينهم حوالي نصف مليون يحق لهم الانتخاب وما تبقى هم من العسكريين والاجهزة الامنية.
منذ الآن اعطى وزير الداخلية تعليمات خطية لكافة دوائر الوزارة المعنية لتسهيل عملية التسجيل وسيصدر الفايز كما قال في حديث لـ »العرب اليوم« سلسلة اعلانات في وسائل الاعلام لحث المواطنين على التسجيل في جداول الناخبين واصدار بطاقات جديدة لمن لم يحصل عليها من قبل وتثبيت اسم الدائرة عليها.
تستهدف »الداخلية« من وراء الحملة دفع نصف مليون مواطن لتسجيل اسمائهم في جداول الناخبين لتحقيق هدف مركزي بالنسبة للحكومة وهو جذب اكبر عدد من الناخبين للمشاركة في الانتخابات, فالمؤشرات الأولية واستطلاعات الرأي التي تعطي الانطباع بأن المشاركة في الانتخابات المقبلة ستكون محدودة تقلق الحكومة كثيرا ولذلك فهي مستعدة لتقديم كل التسهيلات الممكنة لتحفيز اكبر قطاع من الناخبين للتسجيل والاقتراع, لغاية الآن الاقبال محدود لكن الفايز يتوقع تحسنا ملحوظا في نسبة الاقبال بعد الاعلان رسميا عن فتح باب التسجيل والاضافة والتي تستمر لمدة 30 يوما, بعدها تعلق الجداول للاعتراض ولمدة 62 يوما ثم يفتح باب الترشيح للانتخابات ولمدة 22 يوما قبل اجراء الانتخابات.
وبحسبة بسيطة فان الانتخابات النيابية ستجرى في النصف الاول من شهر تشرين الثاني ويتطلب ذلك صدور ارادة ملكية بتأجيل افتتاح الدورة العادية الاولى للمجلس الجديد شهرين اي الى الاول من شهر كانون الاول.
حتى الآن ليس معروفا بعد ما اذا ستتم الانتخابات وفق القانون الحالي ام سيتم تعديله, المعلومات المتوفرة تفيد بأن اجراء تعديلات جوهرية على القانون امر مستبعد, من وجهة نظر الاجهزة المعنية في الدولة, اقتراح القائمة النسبية او النظام المختلط غير ممكنة لاعتبارات دستورية وسياسية, الاتجاه العام في الدولة يعتقد ان »الصوت الواحد يخدم التركيبة الاردنية« بشكل افضل.
في الاثناء تقدمت اوساط نسائية الى الحكومة باقتراح تعديل الكوتا النسائية بحيث تتم زيادتها الى 12 مقعدا موزعة بالتساوي على المحافظات. اجراء تعديل كهذا لا يحتاج لتغييرات في القانون لان الكوتا النسائية صدرت كنظام يمكن لمجلس الوزراء ان يعدله متى شاء, الاقتراع ما زال في مرحلة الدراسة ولم يحسم امره بعد.
توقفنا في النقاش مع وزير الداخلية عند موقف الحكومة من مشاركة الاسلاميين في الانتخابات بعد قرار مجلس شورى العمل الاسلامي تأجيل البت في الامر الى ان تتضح طبيعة القانون وما تلاه من تصريحات لأمين عام الحزب زكي بني ارشيد عن بوادر لتدخل حكومي ضد مرشحي الحركة للانتخابات البلدية.
بشأن تصريح بني ارشيد بدا الفايز مستغربا لما ورد فيه نافيا ما ورد من »اتهامات« عن تحرش حكومي بمرشحي الحركة.
بالنسبة لاحتمال مقاطعة الاسلاميين للانتخابات النيابية يستبعد الفايز ان تتخذ الحركة الاسلامية قرار المقاطعة ويعتقد انها حريصة على التواجد بشكل دائم في البرلمان.
* ولكن ماذا عن موقف الحكومة؟
- يؤكد الفايز ان الحكومة لا تحبذ مقاطعتهم ويرى ذلك في حال حدوثه »مؤشراً غير صحي«.
المراقبون اعتبروا تهديد الحركة الاسلامية بالمقاطعة وسيلة من وسائل الدعاية الانتخابية المبكرة ومحاولة لتحسين شروط التفاوض مع الحكومة.
يرد الفايز على هذا التحليل بالقول صراحة »لسنا مستعدين للتفاوض معهم على شروط المشاركة«.
المجال متاح لهم كما هو متاح للآخرين, فكما يسعى الاسلاميون للفوز في الانتخابات فان الآخرين لن يقفوا مكتوفي الايدي وسيحاولون مثلهم وبكل الوسائل القانونية المتاحة.
الفايز بدا حريصا على طمأنة الاسلاميين عندما قال بوضوح ان »الحكومة تتعهد ان لا تعمل ضدهم« الانتخابات ستجرى »بشفافية مطلقة« ويؤكد الفايز »لدينا توجيهات من جلالة الملك صريحة وواضحة بهذا الخصوص«.
رسالة حسن النوايا تجاه الحركة الاسلامية لا تنفي القلق المتزايد في اوساط الدولة من وجود استراتيجية لدى الحركة تسعى للمكاسب على حساب »الثوابت الوطنية«, ولتبديد المخاوف لا بد اذاً من حوار صريح وشفاف يعيد رسم حدود اللعبة السياسية ليس مع الاسلاميين فحسب وانما بين الدولة والمجتمع عموما.
كانت السنوات الاربع الماضية فرصة ذهبية لقطع شوط كامل في مسيرة الاصلاح السياسي لكنها ضاعت للأسف.
عبور موسم الانتخابات القادمة من دون اشكاليات سيساعد الى حد كبير في تهيئة المناخ لجولة جديدة من الحوار املاً بالتوافق على مشروع جديد للاصلاح, وبهذا المعنى تكتسب تطمينات الفايز اهمية كبرى.