-1-
أغرب التعليقات التي قرأتها من أحد «سنافر» الصحفيين، ما كتبه متسائلا تعليقا على صور بعض الصحفيين في انتخاباتهم بالأمس: هاي نقابة صحفيين ولا دار مسنين؟!
نشرت هذه الملاحظة على صفحتي في «فيسبوك» وأنا ناقم، وقلت أنني لن أعلق على هذا السؤال الفظ، وأترك التعليق للأصدقاء، فلم يقصّروا وأنتقي منها بعضها..
هي فعلا دار مسنين لكن مسنين من نوع آخر . هم النخبة المتعلمة وصفوة المجتمع العاقل المتعقل ، هم الثروة الحقيقة لهذه البلد بأفكارهم وآرائهم وعقولهم العظيمة ، هم المسنون الذين أفنوا عز شبابهم في الصحافة والكتابة حتى ينهض الأردن بفكر بنّاء مقاوم مناضل بأقلام صادقة عاركت الحياة وانتصرت عليها ... قل له يا أستاذي فليفخر بمسني الصحافة وليرفع رأسه عاليا بهم وبانجازاتهم فلولاهم ما قامت للصحافة في هذي البلاد قائمة ولا حافظت على ألقها صاحبة الجلالة/ تعليق لا يليق ممن لا يعي ماذا صنع عمداء الصحافة، وكيف مدوا غرس ثقافتهم وحريتهم الايجابية./ عندما يقولها من لم يحسن بري قلمه واختيار ألفاظه ومن لم يحسن كتابة التاء المربوطة وظن أن شبابه سيدوم له بقلة احترامه لمن فاقه علما وقدرا لا عمرا فقط.. عندها يكون قلة الرد على أمثاله.. ردا كافيا/ هذا الصحفي، مصاب بعقدة العمر الذي سيكتشف بعد مضي وقت أنه وقع في براثنه، وسيكون حظه أسوأ ممن علق عليهم بهذه الصفة التي لا تبدو مهينة للصحفيين بل مهينة له..!
-2-
أكتفي بهذا القدر من التعليقات، واستثني منها من ضمنوا ردودهم بعض العنف اللفظي، لأنه لا مكان لمثل هذه اللغة في هذا المنبر، صحيح ان ظاهرة صراع الأجيال ملازمة للحياة البشرية في كل تجلياتها، لكن الصحيح أن ظاهرة عدم احترام الكبار من صغار قدرا وعلما وسنا باتت تفترش مساحة متزايدة في حياتنا، ليس في نقابة الصحفيين فحسب، بل في غير ساحة، والعجيب الغريب أن غالبية أصحاب سلوك ذلك السنفور لا يتقنون كتابة أسمائهم، ويخطئون في بدهيات الكتابة الصحفية، ناهيك عن عدم فهمهم أصلا لماهية مهنة الصحافة، ويحضرني هنا ما كتبه الزميل الصديق محمد ضراغمة، بهذا الشأن، إذ قال عن «الصحافة والسلطة»: شجع الرؤساء الامريكيون الصحافة الحرة لتكون مصدرا للمعلومات الحقيقية لهم، ومصدرا لاستقرار الدولة. قال ابراهام لنكولن: انا استقي 90 في المئة من المعلومات من الصحافة لانها تمثل نبض الشارع، والباقي احصل عليه من أجهزة الدولة. وقال رئيس آخر: لو خيروني بين دولة بلا صحافة، او صحافة بلا دولة، لاخترت الثانية...لان الصحافة تحقق الاستقرار وتخلق الدولة. عندما أقر لنكولن قانون حرية الحصول على المعلومات في العام 1864، قال: «دعوا الناس تتعرف على الحقائق، عندئذ ستكون البلاد آمنة».
مهنة الصحافة ليست مهنة مجاملات وتملق وابتذال للذات من اجل الحصول على امتيازات من أصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي... ولا هي مهنة للشتم والردح وتفريغ المشاعر الشخصية... الصحافة مهنة بحث واستقصاء وفحص وتدقيق الأخبار، وتقديمها للجمهور، بموضوعية حتى لو كانت لا تتناسب مع قناعات ومصالح وآراء الصحفي... وهي مهنة الرقابة على المؤسسات العامة ورصد الأخطاء وسوء الإدارة، أزمة الصحافة في بلدنا تكمن في وجود نوعين من الصحفيين: نوع يتملق السلطة، او المعارضة، بالإشادة والترويج، أو بالتزوير، أو بالتحريف، ونوع يتملق الجمهور بالشعارات النارية من اجل الحصول على شعبية زائفة، هذان النوعان لا يخدمان السلطة، ولا المعارضة، ولا المجتمع، ولا الصحافة.. يخدمان أنفسهم ومصالحهم الشخصية فقط لا غير...
على فكرة، السنفور إياه، يحتاج لمائة سنة كي يصبح أحد الصنفين أعلاه!