على مدى سنوات طويلة, كان العقل العربي يجتر بطولاته وامجاده, حتى واجه حرب حزيران المعروفة بحرب الايام الستة, فاختار بعد ثلاثة ارباع القرن ان يسميها الف اسم, ما عدا اسمها الحقيقي: هزيمة القرن.
حتى الان هناك في بلدنا من يؤمن بقلب العروبة, وينتظر عودتها بالشعارات اياها: المقاومة والممانعة, مع ان دخول الكارثة السورية عامها السابع لا يشير الى أن الانتصار العسكري للنظام, سيعيد الحدود الجنوبية الى مكانها, أو سيقنع مليون وثلث المليون لاجىء سوري بالعودة الى وطنهم.
وحتى الان في بلدنا من يؤمن بأن المقاومة الفلسطينية يمكن أن تعود للاردن لا الى فلسطين, ولهذا فهو يستقبلها بأحزاب اردنية تليق بالمقام, وتأخذ من موازنة الدولة حصتها من «الهبل الحكومي» بتمويل احزاب لم يكن الاردن في حسابها منذ ثلاثة ارباع القرن.
ونحن الان في زمن عبدالله الثاني, نحاول مجاملة التبادل المتذاكي.. فنفرض على اجيالنا الطالعة طريقاً من اثنين اما داعش, أو اللاشيء.. فاذا كان لا بد من قناعة ما, فإنه من المستحيل استحضار الاتحاد السوفياتي العظيم, والحزب الشيوعي الاول, والحزب الثاني, وحزب الشعب الفلسطيني وكل يتامى العالم.
احياناً يخطر على بال الواحد منا أن يتعامل مع ذاكرته تعامل سيزيف حامل الصخرة الذي يصل الى رأس الجبل أو يكاد ثم تحدث الفاجعة فتعود الصخرة تتهاوى الى القاع, ومع ذلك فإن سيزيف الاردني يصر على ايصالها الى ما قبل القمة بامتار وتعود الى القاع.
قبل أيام دخلت الكارثة السورية عامها السابع والعارفون بكوارث الشعوب يحسبون على اصابعهم ما قيمته مائتا مليار دولار لاصلاح ما تخرّب, وسبعة عشر عاماً مدى زمنياً لا يعرف أحد كيف سيحسبه, لكن العارفين بالشأن السوري يقولون حتى لو ذهب الاسد الى.. بيته, وحتى لو اشرفت الامم المتحدة على انتخابات حرة في سوريا المفترضة, فإن الديمقراطية تلك ستضع الاخوان المسلمين على قمة قاسيون.
الرأي