بعث جلالة الملك عبدالله الثاني أمس رسالة واضحة إلى إيران مفادها حرص العرب إقامة علاقات جيدة مع طهران. لكن شرط ذلك هو أن ترتكز هذه العلاقات إلى الاحترام المتبادل لا أن تنطلق من رغبة في الهيمنة أو التدخل في الشؤون الداخلية. كلام الملك، في مقابلته مع الزميلة رندا حبيب، مديرة مكتب وكالة الصحافة الفرنسية في عمان، اختزل، ولو بشكل غير مباشر، سبب توتر علاقات معظم العرب مع إيران.
فثمة هواجس عربية مشروعة من مشروع إيراني هدفه التمدد في النفوذ على حساب العرب. هنالك تدخل إيراني سافر في العراق. وشباب حزب الله يهتفون للخميني في تظاهراتهم. إيران تزود الحزب بالمال والسلاح. عائد هذا الاستثمار نفوذ إيراني في لبنان تمدد إلى سورية حيث اعتماد متزايد للنظام السوري على دعم طهران، وارتهان متنام أيضاً لقرارها. إيران تحتل أرضاً عربية في الإمارات العربية المتحدة. ويمارس النظام الإيراني أيضاً تمييزاً عنصرياً ضد عرب الأهواز.
تنظر إيران إلى عالم العرب على أنه ساحة نفوذ ومجال هيمنة. ومع تعاظم التوتر في العلاقات الإيرانية الدولية، ازداد السعي الإيراني لتحويل عديد دول عربية أوراق ضغط وتفاوض مع الغرب.
وزاد سعي طهران تطوير القدرات النووية من الخطر الإيراني على منطقة الخليج العربي. فامتلاك إيران السلاح النووي يحمل تهديدات أمنية وبيئية واستراتيجية لهذه الدول. تعاظم هذا الخطر أنتج قلقاً عربياً مبرراً من أهداف إيران وتبعات سياساتها في المنطقة.
تدعي إيران الرغبة في إقامة علاقات جيدة مع جوارها العربي. لكن سياساتها تفند هذا الادعاء . كلامها جميل. لكن فعلها خطر. والفعل أصدق إنباءً من القول. وعلى الحقائق لا على الكلام المجمل تبني الدول سياساتها.
توترعلاقات العرب مع إيران نتيجة حتمية لسياسات إيرانية معادية لهم. زوال هذا التوتر مرتبط بتغير الموقف الإيراني. سمات هذا التغير المطلوب واضحة. الابتعاد عن سياسات الهيمنة والتدخل السلبي في شؤون العراق ولبنان وسورية وفلسطين.
لا مصلحة لإيران أو للعرب في تجذر علاقات عداء بين الشعبين. هما جاران أزليان. الصراع كلفته عالية على بلاد فارس وعلى بلاد العرب. أما التعاون فقطاف ثماره للجميع. لكن إيران هي التي خلقت التوتر. وعليها تقع مسؤولية بناء التعاون.