عمون – لقمان إسكندر- ما أن خرجت من عيادة طبيبتها التي أبلغتها بأنها حامل، وعادت إلى المنزل وقبل أن تفاجئ زوجها بالخبر أو حتى قبل أن تبلغ أمها بأنها حامل، عرف بأمرها مارك زوكربيرغ، فأرسل إليها مقترحات لأكثر الازياء أناقة للسيدة الحامل، وطلب منها ان تختار أيها تريد، كما اقترح عليها أن تختار أزياء طفلها القادم، استنادا الى السوق.

زوكربيرغ لا يمزح، فرجل الأعمال والمبرمج الأميركي، مؤسس موقع الفيس بوك الاجتماعي، له هدف تجاري تحول تدريجيا الى خطوات استفادت منها أكبر أجهزة المخابرات العالمية. انت مراقب في غرفة نومك. ويكفي أن تقول كلمة واحدة على جهازك الذكي حتى يفضحها الفيسبوك على صفحتك بإيحاءات لا تخلو من ذكاء.

للفيس بوك آذان وعيون أيضا، ويدرك هذا الامر كل أردني، لهذا عندما طلب شاب أردني كما هي عادة الاردنيين يد فتاة استمهله ذوو العروس أسبوعا للسؤال عنه، لكن الشاب فوجئ بوالد العريس يطلب منه حسابه على الفيسبوك.

خالد الأحمد المستشار والمدرب الاجتماعي على شبكات التواصل الاجتماعي يعلق على الأمر بالقول: ليست الشركات وحدها من باتت تطلب صفحاتكم الخاصة على الفيسبوك، هناك الأسر التي تودون الزواج من أحد بناتها ايضا.

يقول الأحمد: معظم الجامعات العالمية الكبيرة باتت تطلب من الطالب المرشح لدخولها حساباته على شبكات التواصل الاجتماعي لدراسة صفحاته وما ينشر، مشيرا الى ان ذلك بات يحدد دخول الطالب الجامعة أم لا.

السيرة الذاتية لم تعد كافية، بل إن صفحة الفيسبوك في الحقيقة هي السيرة الذاتية اليومية التي سيعرف من خلالها رب العمل متى استيقظت صباحا، وفي اي ساعة بالضبط اختلفت مع زوجتك، وعلى اي موضوع كان الخلاف.

كالعادة بدأ الامر تجاريا، لكنه تدريجيا تحول الى أمني واجتماعي، وسياسي.. بل إنه شمل كل مناحي الحياة. مرحبا بك في القرن الواحد والعشرين حيث أنت مكشوف 24 ساعة.

يستهجن الناس وهم يكتبون "خرابيش الجاج" ان المحللين النفسيين على الفيسبوك بهذه الخرابيش يصبحون على معرفة بشخصياتهم اكثر مما يعرفهم ذووهم، في الحقيقة، اكثر بكثير مما يعرفه ذووهم، فالأسرار هنا، والمعلومات هنا، وكل ما تريد التستر عليه هنا ايضا. 

في عام 2016 باتت كل كلمة تكتب على صفحات الفيس بوك مرصودة ولها معان ومغاز. 

يقول المستشار والمدرب الاجتماعي على شبكات التواصل الاجتماعي: الكلمات التي تنشر على صفحات الفيسبوك، يجري تحليل الحساب، لأهداف تجارية حيث يضع المحللون شخصية صاحب الحساب في خانة من خمس خانات لتستفيد منها شركات العلاقات العامة والاعلانات في ارسالها لإعلاناتها.

ويضيف، سابقا كان استهداف الجمهور حسب الجنس، والمكان، والزمان، والهواية لكن هذا اختلف، فاستهداف الشخصية بات حسب تحليل ما يوجد على صاحب صفحة الفيسبوك من "كلام".

يدرك الأحمد ان من ينشر لا يلتفت إلى ما ينشر لكن هناك من يهتم، فكل كلمة تصدر منك لها معنى، ويمكن ان تقود المحلل الى تفكيك شخصيتك .. بل وتعريك أمامهم تماما.