من حين لاخر يشكو مندوبون صحافيون من تعنت مسؤولين وامتناعهم عن الردّ على الاستفسارات بل والتعامل بفوقية وبأساليب مهينة للصحافيين، فخطرت في "الغد" فكرة انشاء زاوية مخصصة لنشر أسماء المسؤولين الأقلّ تعاونا والأكثر تمنعا على الصحافيين.
الأمر لا يتصل فقط بالتستر وتضييق فرص الوصول الى الحقيقة، فالصحافي يتضايق كثيرا لأنه لا يستطيع انجاز عمله بمهنية معقولة. فمثلا اذا اراد تقديم تقرير مفيد عن ازمة نقص المحروقات في السوق يجب أن يعرف ماذا يقول اصحاب المحروقات وايضا مصفاة البترول لتقديم الصورة كاملة. وفي العادة فان المديرين الأدنى في المصفاة لا يرغبون أو يخافون أوغير مخولين بالإدلاء بتصاريح، ولا بدّ من مراجعة المدير العام ويجب ان يحصل هذا خلال ساعات حتّى يظهر التقرير في اليوم التالي عن أزمة أمس فاذا تمنع المدير يكون قد اعاق بصورة غير مقبولة عمل الصحافي وفي النهاية حق المواطن بالاطلاع . يجب ان يكون واضحا ان هذا سلوك خطير وغير مقبول بالمرّة وأن واجب المسؤول المطلق هو تفسير أي شأن يخصّ نطاق مسؤولياته للرأي العام. وهذا على كل حال جزء أساس من مبادئ الشفافية.
لتسليط الضوء وتصعيد الضغط وفرض تغيير على سلوك المسؤولين قررت الغد نشر زاوية بأسماء مسؤولين اعداء للشفافية في ضوء التجربة العملية معهم. وحتّى الآن يتجاهل المسؤولون أو يتحدون هذا النشر بدل الوعد بالانفتاح والتواصل من أجل شطب اسمائهم من اللائحة. لكني أقترح أن لا تتراجع الصحيفة عن النشر بل يستمر المندوبون بالاتصال بهؤلاء المسؤولين كلما احتاجوا أمرا، واذا تمنعوا اضافة نجوم عند الأسماء تشير الى درجة السوء والعداء للشفافية، وربما يعتبر هؤلاء تلك النجوم أوسمة لهم لكن سيعرفون بعد حين انها نقاط سوداء في سجلهم وسيرتهم الوظيفية.
أقترح على جميع الصحف تنسيق مشروع يشابه فكرة الغد لأن التمنع عن اعطاء المعلومات والافتقار للشفافية عند مسؤول ما تعاني منه جميع الصحف. ويجب ان يتعاون الجميع على اجبار المسؤول على تغيير سلوكه. ونتذكر كم كانت فعّالة الشكوى وتحرك نقابة الصحفيين ازاء وزير الصحة الذي تجاهل الصحافة. وكان موقع عمون الاخباري قد سبق وقام بفكرة شبيهة وان بصيغة مختلفة حيث ترك للقراء أن يختاروا تسمية المسؤول الأقل شفافية، وأتمنى ان يستمروا في المشروع بعد ترتيبه بصورة أفضل ( ربما التصويت بدل التعليقات) ليؤدي الغرض المنشود.
وأمس كنّا نستمع الى صحافية شهيرة من الفليبين في مؤتمر"اريج" للصحافة الاستقصائية تتحدث عن تجربتها المذهلة ودور الصحافة في مكافحة الفساد، ومن بين اشياء أخرى تحدثت عن التحقيقات الاستقصائية التي قادت الى فضح فساد الرئيس الفلبيني السابق استرادا وايصاله الى السجن. وعلى هامش مؤتمر الصحافة الاستقصائية أو بعده يجب تنظيم جهد صحافي مشترك لتعزيز دورالصحافة في فرض مبادئ الشفافية والإفصاح وتقديم المعلومات.
jamil.nimri@alghad.jo
...