ولي ولي العهد .. رؤية تتجاوز حدود الزمان.
د. صبري ربيحات
03-05-2017 01:29 AM
لم اكن اعرف الكثير عن الرؤية السعودية والعلاقة المعقدة التي تديرها المملكة العربية السعودية في محيطها الخليجي والعالم الاسلامي الذي يتخذ من مدنها قبلة ومحجا والعالم الصناعي الذي يعتمد على نفطها وثقلها ومكانتها في الحفاظ على اسواقه وتجنيبها مخاطر المغامرات التي اعتاد بعض زعماء الدول النفطية على القيام بها من وقت لاخر من اجل زعزعة السوق او اختبار صدى قدرتهم على التاثير في الاسواق شديدة الحساسية لعوامل الصراع والتهديد والنزاعات التي بقيت معلما شرق اوسطيا لقرابة قرن من الزمان.
في اللقاء المطول الشامل الذي اجرته قناة ال mbc وبثته القناة السعودية قدم الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد اجابة لعشرات الاسئلة التي تدور في اذهان الملايين من السعوديين والعرب والمتابعين حول ما تقوم به المملكة من مشروعات تنموية داخلية واقليمية والرؤية التي توجه سياسات وعلاقات المملكة بجيرانها والقوى الاقليمية والعالم.
الاسئلة التي طرحها الاعلامي الوازن داود الشريان بلباقة وجرأة ووضوح كانت نموذجا لكيفية حفاظ الاعلامي على مهنيته وحسه بالمسؤولية تجاه جمهور المشاهدين دون ان يتجاوز حدود العمل المهني واداب مخاطبة صناع القرار في مجتمع يتمتع ينتمي فيه الامراء الى طبقة تحظى بمكانة واحترام ونفوذ يتجاوز غيرها من مكونات المجتمع.
الاجابات التي قدمها الامير للاسئلة الدقيقة المباشرة غطت غالبية الملفات والقضايا التي تشغل فكر المواطن والمهتم بالشأن السعودي وتداخل فيها الشأن الداخلي مع الخارجي والسياسي مع الاقتصادي والاجتماعي مع الديني والامني مع الثقافي في توليفة تعكس حالة من وضوح الرؤيا وتبعث على الثقة والاقناع.
الرؤية السعودية لمستقبل الاقتصاد السعودي والتنمية والعلاقات الايرانية وبيع بعض حصص المملكة في ارامكو وامن الخليج و خدمات البنى التحتية وشكل ونمط الرعاية التي تقدمها البلاد لمواطنيها وشركاتها الاقتصادية التي تعمل الدولة على الاخذ بيدها لتعبر الى الريادة الاقليمية والدولية تجعل المشاهد تواق لمتابعة البرنامج والاستماع الى تفاصيل وترابط الافكار والمشروعات التي تبدو في غاية الترابط والانسجام.
في اجابة ولي ولي العهد على سؤال المضيف حول جدوى خصخصة المملكة لجزء من حصتها في ارامكو اذهلني الرد الذي قدمه الضيف حين اشار الى ان الخصخصة مرتبطة بالانتفاع ولا تمس الاصول وسيبقى المخزون النفطي ملك للمملكة ولن تتجاوز الخصخصة حدود ما يحتاج له الاقتصاد السعودي للتنمية والتحفيز كما انها محكومة بوجود الحاجة لها ولن تباع اي نسبة ما لم يتوفر مشروعات او قطاعات محتاجة الى الدعم وهي قرار اقتصادي استثماري مدروس لكنه لن يحد من سيادة الدولة على مواردها وقراراتها.
في حديث الامير الذي غلبت عليه الدقة والموضوعية والثقة والاحترام لعقل السامع ما يطمئن المواطن على ان البلاد تدار من قبل شباب يعون ما يقولون وفيه الكثير من المنطق والتبديد للاشاعات التي سرت في الاونة الاخيرة حول رسوم الحج والعمرة والعلاقة مع الدول العظمى وقوى الاقليم ودول الجوار.
منطق الدوله ومصالحها وادراك المكانة التي تحتلها المملكة وخدمتها للحرمين الشريفين والوقوف في وجه التهديدات الطائفية وغير الطائفية بعض من القضايا التي عمقت احساس المشاهد بان الامير يحمل تصورا متكاملا للقضايا وترابطها وتاثيراتها المتبادلة يصعب ان تجده لدى بعض من يتعاطون العمل السياسي في العالم الثالث.
استطيع القول بان الامير نجح هذا المساء في تغيير الكثير من الانطباعات التي كانت لدي ولدى الكثيرين حول ما يدور في بلد نكن لها الكثير من المودة والاحترام....