4- صديقي صلاح الدين البيشاري سفير ليبيا لدى جاكرتا كان من اوائل السفراء الليبيين المنشقين عن نظام الدكتاتور القذافي. طلب مني رقم هاتف مراسل الجزيرة في جاكرتا وبعد قليل سمعته يعلن عن التحاقه بالثورة على فضائية الجزيرة، فأدركت حينها ان القذافي آيل الى السقوط، وآية ذلك موقف الرزين الشهم اليقظ صديقي صلاح.
كنا نذهب برفقة سفير قطر يوسف السادة أبو خالد وفيكتور زمتر أبو يوسف سفير لبنان للعب البلياردو احيانا حيث اطلعت على أحوال ليبيا من صلاح الذي كان يسمي - بيننا - العقيد القذافي المجنون !!
لما انشق صلاح كان مفلسا تقريبا، اقمت له حفل عشاء وداعيا قبل مغادرته الى طرابلس بليلة، القيت كلمة وصفت صلاحا فيها بانه سيلهم شباب ليبيا وان انحيازه الى ثورة الشعب الليبي يرسل رسالة الى العالم ان الثوار ليسوا حفنة زعران مدمنين كما وصفهم اعلام الدكتاتور.
خلال الحفل تحدثت مع عدد من السفراء العرب - من خلْفِ ظهر صلاح - لأعلمهم ان جيوب صلاح خاوية خالية فاستعَدوا، السفراء: التونسي والكويتي والسعودي والاماراتي والقطري والمصري والفلسطيني واللبناني، لمد يد العون، وفوضوني ان احدد المبلغ المطلوب وان اجمعه منهم.
غمرتني مسرّة لا تضاهى وفرحة بنخوة زملائي، لكنني اصطدمت بصديقي صلاح، لقد رفض رفضا قاطعا قبول اية مساعدة.
قلت له: يا صلاح هي قرض من اخوانك الى ان يفرجها الله، غير انني كنت أتكلم مع صخرة لا لين فيها.
بعد سقوط الطاغية ذهب صلاح سفيرا لليبيا الى الصين. ثم ابلغني انه سيترك السفارة ليتفرغ لثورة جديدة. وعندما اختُطف سفيرُنا فواز العيطان في ليبيا، كان اول من اتصل بي من ليبيا صلاح الدين البيشاري وطمأنني على سلامة سفيرنا.
5- صديقي الطريف الزول، بشرى إبراهيم سفير السودان في جاكرتا، سأله مراسل الجاكرتا بوست، وهو يهم بالمغادرة، بعد ان انهى مأموريته التي امتدت 4 سنوات في مدينة تختنق ب 4 ملايين مركبة:
كم سنة امضيت في جاكرتا سعادة السفير ؟ وما هي انطباعاتك؟
قال الاكسلنس بشرى: امضيت في جاكرتا 4 سنوات، 3 سنوات منها في السيارة وسنة في باقي الواجبات.
عندما اجرى معه الراحل حبيب الزيودي مقابلة إذاعية على الهاتف، قال لي وهو عاشق الشعر: هذا الإعلامي موهوب جدا و ذو افق لا محدود.
قلت له: هذا الشاعر مظلوم بطريقة لا افهمها.
قال بلهجته السودانية العذبة: كل واهد ياكل نسيبه. (أي كل واحد يأكل نصيبه).
6- زرت حاتم الخوّام سفير العراق الجديد في أثينا عام 2005، جلسنا في مكتبه الضيق نرتشف الشاي العراقي المعطر.
قال لي: لقد أخرجت من هذه الغرفة الصغيرة 25 جهاز تنصت على السفير!! ومن المكاتب الأخرى اخرجنا عددا اكبر من أجهزة التنصت على الدبلوماسيين والموظفين.
سألته: هل تعتقد ان بالإمكان الاستماع الى كل أجهزة التنصت في كل سفارات العراق في كل العالم؟!
قال لي السفير الخوّام: كان القصد ان يعرف العراقيون انهم تحت المراقبة. وأضاف: الخوف، و لا شيء غير الخوف، هو أيدولوجيا انظمة الرعب الشمولية لا ما تدعي من نظريات.
لست متأكدا من عدد أجهزة التنصت التي ذكرها السفير حاتم الخوّام، لكنني متيقن من وجود عدد كاف منها.
7- صديقي البروفيسور نيكولاس فان دام سفيرهولندا في جاكرتا، ابرز خبير في شؤون سوريا والشرق الأوسط ، ومؤلف كتاب «الصراع على السلطة في سوريا» - مكتبة مدبولي 1998- وصل الى جزر اندونيسية لم يصلها الاندونيسيون، فاندونيسيا تتالف من 17500 جزيرة نصفها غير مأهول ويحدث ان ترى في المساء جزيرة في عرض البحر وفي الصباح لا تجدها.
عندما تقاعدنا في صيف عام 2012 حادثته في منزله بجنوب اسبانيا وقدمت له نحو 20 سؤالا حول سوريا اجابني عليها باسهاب، ارسلت الإجابات الى صحيفة الغد التي نشرتها في تشرين 2012.
اعتقد ان أجوبة صديقي الحميم البروفيسور نيكولاس فان دام ما تزال تثبت الأيام والاحداث صحتها ودقتها. كانت خلاصتها - المبنية على المعلومات لا على الرغبات- ان الأسد لن يخسر الحرب.
صديقي نيكولاوس فان دام، انتظر مني 20 سؤالا أخرى جديدة لصحيفة الدستور.