عالم العمل ورأس المال وإشكالية الأولويات والإمكانياتسلام الربضي
03-05-2017 12:03 AM
أن كل الجهود التي يبذلها السياسيون والاقتصاديون للعثور على بدائل لفرص العمل الضائعة في كافة القطاعات لم تحقق النتائج المرجوة. فكلما ازدادت وتيرة المتاجرة في البضائع والخدمات عبر الحدود الدولية بكل حرية، تزداد المصاعب حيث هناك تقليص وترشيد يؤديان إلى فقدان العمل البشري قيمته. إذ لا بد من الإشارة إلى الإشكالية الأساسية في عالمنا المعاصر حول علاقة التنمية المستدامة بالنمو الاقتصادي وهي:
إن احتدام المنافسة بين الدول سواء كانت صناعية أم نامية على خفض الأجور لن يؤدي إلا إلى نتائج وخيمة ولن يزيد من رفاهية المجتمعات، بل سيزيد من تحجّر الوضع الاجتماعي المؤلم. فالتخفيض في الأجور ينعكس على أسعار السلع ويستفيد منه بشكل مباشر المستهلك صاحب الدخل المرتفع، الذي لم يخسر شيئاً يذكر من دخله، في مقابل تخفيض تكلفة الإنتاج. في حين، أن الطبقات المتوسطة والفقيرة، هي التي تخسر جزءاً من دخلها، وتكون أكثر تضرراً. فالحكومات ترمي الأعباء الضريبية على كاهل عنصر العمل أكثر فأكثر والإعفاءات والتسهيلات والمنح الضرائبية المقدمة للشركات، ينتج عنها انخفاض في إيرادات الدولة المالية، والتي تعوّضه عن طريق زيادة الضرائب على الطبقات الاجتماعية الأخرى. أو عن طريق تقليص الخدمات والرعاية الاجتماعية والصحية. فالمعادلة التي كانت أكثر تعبيراً عن اتّساع الهوّة بين الأغنياء والفقراء : الأغنياء يزدادون غنى بينما الفقراء يزدادون فقراً، في ظل الوقائع الحالية القائمة، لم تعد تكفي لتوضيح الصورة، حيث من الواضح ظهور صيغة جديدة تقوم على مبدأ : الأغنياء يصبحون أغنى، والفقراء أفقر، وبمعدل أسرع ؟ إذ تفاجئنا السرعة الفائقة، في توفير المبالغ الخيالية لحل الأزمات المالية والاقتصادية العالمية وتمويل الحروب والنزاعات مقابل التقاعص الشديد الذي يعرف عادة عند تمويل البرامج الإنسانية التي أقرتها الأمم المتحدة للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، والتي ما زالت حبراً على ورق. فهذه الحقائق المآساوية، وبعيداً عن الأبعاد الايديولوجية في مقاربة عالم الاقتصاد تضعنا أمام التساؤل الجدلي المنطقي التالي: هل الإشكالية تكمن في الأولويات والخيارات الاستراتيجية ؟ أم هي مسألة الإمكانيات الفعلية المتاحة للدول؟؟؟ : باحث ومؤلف في العلاقات الدولية اسبانيا* |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة