التفجير في مومباي والهدف في وزيرستان
المحامي محمد الصبيحي
30-11-2008 09:49 PM
من يتمعن في عملية التفجيرات في مدينة مومباي الهندية سيكتشف أنها لم تكن أبدا وليدة أنفعالات دينية ولا حركات أنفصالية , فالحركات الاسلامية المسلحة المطالبة بتحرير كشمير الهندية سارعت لنفي صلتها بالتفجيرات , ففي الوقت الذي لم تستقر فيه الاوضاع الداخلية في باكستان ومع التوجه الاقليمي والدولي لتطبيع العلاقات الباكستانية الهندية تعرف الحركات الاسلامية في كشمير أن أي عمل عسكري كبير ضد الهند لن يخدم قضيتها و سيجعلها تقع بين فكي كماشة هندية باكستانية هذا بالاضافة الى أنها لم تصل الى مستوى التخطيط والتنفيذ الدقيق الذي تمت به العمليات في مومباي , خاصة في ضوء ما كشفته أجهزة الامن الهندية حول طريقة وصول المنفذين الى المدينة عبر البحر وهو ما يفوق القدرات اللوجستية للحركات الكشميرية .
من المتوقع في ضوء المعطيات الحالية أن أنطلاق الارهابيين كان من الاراضي الباكستانية فليس هناك ثمة أرض أخرى خارج الهند يمكن أن ينطلقوا منها وقد أعلن القبض على الناجي الوحيد منهم حيث تبين أنه باكستاني الجنسية
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه : ماهو هدف العملية التكتيكي وما هو هدفها الاستراتيجي ؟؟
بداية فان حجم العملية وما خلفته من قتلى وجرحى يدل دلالة واضحة أنها كانت تهدف الى أيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية بهدف زعزعة الحكومة الهندية ودفعها الى رد فعل بحجم العملية تحت وقع الضغوط الشعبية والحزبية .
وحين تتكشف التفاصيل بأن باكستان كانت قاعدة أنطلاق الارهابيين وأن المنفذين باكستانيون فان النتيجة المتوقعة توتر كبير جديد في العلاقات الهندية الباكستانية تتبعه تحركات عسكرية هندية باتجاه الحدود نحو كشمير بالذات حيث من المتوقع أن تشتعل هذه المنطقة مجددا .
ستجد الحكومة الباكستانية نفسها مضطرة الى تحريك وحدات عسكرية كبيرة نحو الحدود مع الهند , ولن يكون مستبعدا أن تقع عمليات أرهابية أخرى في الاراضي الهندية ضد أهداف مدنية وضد القوات الهندية على الحدود مع الباكستان .
الجبهة المشتعلة في منطقة القبائل – أقليم وزير ستان - على الحدود الباكستانية الافغانية بين الجيش الباكستاني وطالبان باكستان التي تساندها القبائل هناك أستحوذت على الجزء الاكبر من جهود وحشد القوات الباكستانية يقابلها من الجانب الاخر غارات الطائرات الامريكية على مواقع طالبان داخل الاراضي الباكستانية حيث الاعتقاد بأن التحالف الطالباني الافغاني الباكستاني ينطلق من تلك المنطقة أدى الى تزايد الضغط العسكري على طالبان وحليفها تنظيم القاعدة .
في ضوء هذا الوضع العسكري فان خلق حالة توتر على الحدود الباكستانية الهندية أو على أبعد الاحتمالات فتح جبهة جديدة من شأنه نقل وحدات عسكرية باكستانية كبيرة من جبهة وزيرستان الى الحدود مع الهند وبالتالي أنشغال الحكومة والجيش الباكستاني في أزمة غير متوقعة تكون نتيجتها تخفيف الضغط عن طالبان في وزيرستان , وسيقابل ذلك تصعيد عسكري داخل أفغانستان ضد قوات الناتو والقوات الافغانية .
ان عملية مومباي لم تكن الا حركة تكتيكية لعقل مخطط على مستوى الاقليم ومن هنا فان القول بأن التفجيرات في مومباي والهدف في وزيرستان هو التفسير الوحيد المرجح الذي يمكن قراءته من خلال الاحداث الحالية واللاحقة .