يعتبر البعض تطوير الفرد أو الموظف لذاته و شغفه و إلمامه بمهام العمل نقمةً عليه، من هنا يكمن دور الإدارة أو الرئيس المباشر الذي باستطاعته موازنة العمل و توزيعه بين الموظفين، من خلال وضع خطط تنفيذية وتقديم الحوافز التشجيعية للمجتهدين في عملهم، و إنشاء روابط إنسانية بين إدارة المؤسسة والموظفين، والتعرف على مفاتيح شخصية العاملين بالاتصال و التواصل الفعّال معهم، ومساعدتهم بمشاكل العمل، وحثهم على الالتحاق ببرامج تدريبية خاصة تهتم برفع كفاءة اداءهم و تقويم سلوكهم الوظيفي، لتنمية إحساس جميع العاملين بالعدل و المساواة و الانتظام بأعمالهم. ويعرف الاحتراق الوظيفي: بانه مجموعة أعراض من الإجهاد الذهني والكبت الشخصي، والإحساس بعدم الرضا عن المنجز والاداء المهني.
هناك بعض الإدارات وبعض الموظفين ليس لديهم القدرة على اتخاذ القرار، وهذا ليس ضعف في قدراتهم، ولكن قد تفرض عليهم البيئة المحيطة بهم، التي تساهم في إحباط واتهام بعض الموظفين والإدارات، اما بالفساد او ضعف التأهيل. وبالتالي تُخلق الإدارات المرعوبة، وهذا يولد لديهم عدم القدرة على اتخاذ القرار والضغط النفسي والاحتراق الوظيفي، وقد يكون السبب وراء ذلك هو تعيين بعض الإدارات والموظفين، بناءً على الواسطة والمحسوبية.
لذلك يكون ولائه وانتمائه للجهة او للشخص الذي قام بتعيينه، وليس للمؤسسة التي يديرها أو يعمل فيها. حيث أشار جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم في الورقة النقاشية السادسة بضرورة محاربة الواسطة والمحسوبية، وذلك لخلق ادارات قوية ومؤهله قادرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وقادرة على صياغة خطة استراتيجية مرنة للمؤسسة، تستطيع استيعاب التحديات ومعالجتها، وتستطيع استغلال فرص النجاح وتعزيزها لتطوير المؤسسة. بالإضافة الى ضرورة تأهيل وتمكين الإدارات والموظفين، ليكون دافع لديهم في صياغة واتخاذ القرار ولا ينتظروا قرار الإدارة العليا لتوجيههم في أبسط الأمور. وهذا سيساهم في معالجة الاحتراق الوظيفي الذي تعاني منه بعض الإدارات وبعض الموظفين.
أهم الآثار السلبية المتسببة في الاحتراق الوظيفي:
ــ الاعتماد الكلي من قبل الجميع على هذا الموظف، و إحساسه بأنه مهما تفانى و أبدع بالعمل ليس له محل تقدير.
ــ عدم وجود قواعد و نظم ثابتة بتوزيع المهام، مما يشعر الموظف بعدم العدالة من قبل الإدارة.
ــ الخوف من الانتقاد والاتهام بالفساد في حال اتخاذ اي قرار ولم يوفق في ذلك، ونسوا بانه لكل مجتهد نصيب فإن أصاب فله أجران وان اخطأ فله أجر.
ــ عدم القدرة على الموازنة بين أمانة العمل ورغبة المسؤول.
أهم الإجراءات لمحاربة الاحتراق الوظيفي:
ـــ تتطلب الشجاعة من الموظف في الوصول الى المسؤول ومصارحته في ضغط العمل الذي يقوم به، وكثرة الأعمال التي يتم تحويلها له من باقي الموظفين بسبب نشاطه وقدرته على إنجاز الأعمال المطلوبة منه.
ــ يجب أن لا يهمل حياته الشخصية وأن لا ينعزل عن محيط مجتمعه العائلي، ولتكن هناك حدود فاصلة بالعمل في معنى التعاون و المساعدة مع الجميع وليس الاتكال و الاعتماد عليه.
ــ الترفيه عن النفس و الشعور بالحرية المُطلقة ، وهذا سيكفل بأن يعود الموظف مُحَمَّل بطاقة مشحونة إيجابياً و مُعززة بالإبداع.
ــ العدالة من قبل المسؤول في توزيع العمل بالتساوي بين الموظفين.
ـــ تشجيع وتحفيز وتكريم الموظف المتميز ، والتجاوز عن اخطائه غير المقصودة في العمل.
يحدث الاحتراق الوظيفي، عندما لا يكون هناك توافق بين طبيعة العمل وطبيعة الإنسان الذي ينخرط في اداء ذلك العمل. وكلما زاد التباين بين هاتين البيئتين زاد الاحتراق الوظيفي الذي يواجهه الموظف في مكان عمله. وهو يكمن في مجموعة عوامل تتركز في الظروف الاقتصادية والتطورات التكنولوجية والفلسفة الإدارية للمؤسسة في العمل والمتمثلة بما يلي: ضغط العمل حيث يشعر الموظف بأن لديه أعباء كثيرة مناطة به، عدم وجود صلاحيات لاتخاذ قرارات لحل مشكلات العمل، وتأتي من خلال وجود سياسات وأنظمة صارمة لا تعطي مساحة من حرية التصرف والتفويض لاتخاذ الإجراء المناسب من قبل الموظف. وكذلك عدم وجود التحفيز يؤدي الى انخفاض الدافعية، يتم أحيانا تحميل الموظف مسؤوليات لا يكون في مقدوره تحملها وعند إخلاله بها يتم محاسبته، وقد يكون القصور في اداء العمل ليس تقاعسا من الموظف ولكن بسبب ضعف الإدارة وخوفها وترددها في اتخاذ القرار وعدم وجود خطط وبرامج تنفيذية للوصول الى الأهداف المطلوبة.
وفي النهاية تكثر أعراض الاحتراق الوظيفي في أوساط المهن التي يكون فيها التعامل مع الجمهور، والتي عادة تتطلب مواجهة مباشرة أو استيعابا دقيقا لآراء واتجاهات المجتمع، والتي تعد محكا أساسيا في تقييم أعمال العاملين بتلك المهن. تكمن أهم أسباب الرضا في فرص التقدم والارتقاء الوظيفي والعدالة وتكافؤ الفرص بين الموظفين في المؤسسة، بينما تكمن أهم أسباب عدم الرضا في المرتبات المتواضعة التي يتقاضاها بعض الموظفين وكذلك غياب العدالة والاحترام المتبادل بين الموظفين في تلك المؤسسة، وعدم الولاء والانتماء يعزى لدور الواسطة والمحسوبية في تعيين بعض الموظفين فيها وبالتالي الانتماء والولاء سيكون للشخص الذي ساعدة في التعيين وليس للمؤسسة.