آن أوان المواجهة الثقافية مع التطرف والغلو والإرهاب
محمد الداودية
01-05-2017 12:52 AM
كانت مجلة «الوطن العربي» لصاحبها وليد أبو ظهر، تتقاضى دعما من صدام حسين مقداره نصف مليون دولار كل 6 اشهر، وحين ذهب أبو ظهر في حزيران 1989 لقبض دفعة الـ 500 الف دولار النصف سنوية، احتفى لطيف نصيف جاسم وزير الاعلام العراقي بالصحافي أبو ظهر، ودعاه الى عدة حفلات بحضور علية القوم، وملأ حقائبه بالهدايا.
غادر وليد أبو ظهر بغداد دون ان يقبض الدفعة الأولى.
صدر عدد جديد من مجلة الوطن العربي التي كانت تبيع نحو 80 الف نسخة أسبوعيا، ولم يكن يتضمن اشادة بالزعيم العراقي صدام حسين ثم صدر عدد اخر دون اية اشادة، فلما علم صدام عن السبب استدعى وزير اعلامه وسأله:
كم تكلفنا دبابة ت 72 السوفياتية ؟
رد الوزير مرتبكا: لا اعرف سيدي الرئيس.
قال صدام: انا اعرف، تكلفنا مليون دولار.
ثم سأله صدام: كم تصمد معنا دبابة ت 72؟
رد الوزير بصوت مختنق: لا اعرف سيدي الرئيس.
قال صدام: انا اعرف. تصمد معنا في القتال عدة دقائق.
وقال صدام بلهجة كقصف الرعد: المجلة أهم من الدبابة، المجلة تخدمنا سنة كاملة وتؤثر في قطاع واسع من الناس، بكلفة زهيدة، ولا تقارن فوائدها مع الدبابة التي قد تكون عديمة التأثير أحيانا.
استكمل صدام درسه في الاعلام لوزير اعلامه وقال صارما:
استدعِ الأستاذ وليد وادفع له حتى يطيب خاطره، فالجبهةُ معزولةٌ مهزومةٌ، بلا صحفٍ ومجلات وصحافيين وكتاب ومثقفين، كالدبابة بلا ذخيرة وبلا وقود.
نحن نعلنها بتمام الأسف، انه لا يوجد لدينا في وطننا الحبيب، المبتلى كغيره من اوطان العرب والمسلمين، بضلال الإرهابيين وتغريرهم، مشروع ثقافي لمواجهة الغلو والتطرف والتكفير والإرهاب ولو بكلفة دبابة واحدة. رغم الضرورة الملحة للمواجهة الثقافية مع الإرهاب، ورغم الحاح فتح هذه المواجهة الكبرى التي تستدعى جبهة ثقافية اردنية واسعة على امتداد الوطن تنخرط فيها الصحافة والاعلام والهيئات الثقافية والشبابية والجامعات والمساجد والكنائس وكل قدراتنا الإعلامية والثقافية الوطنية.
معلوم لدى الجميع ومتفق عليه، ان طغم الخوارج الإرهابية المارقة، لا تنهيها البوارج والطائرات والصواريخ والمحاكم العسكرية والاعتقالات والإعدامات.
توكأت داعش على كتاب «إدارة التوحش» المكون من 112 صفحة لأبي بكر الناجي، والثورة الفرنسية هيأ لها الفلاسفة والمفكرون التنويريون الفرنسيون والثورة البلشفية عام 1917 هيأت لها صحيفة «الايسكرا- الشرارة» ألم يقل لينين من «الشرارة» يندلع اللهب؟ لقد اندلع فعلا.
قال لي الدكتور عبد المجيد المخلافي وزير التربية والتعليم اليمني الأسبق انه اختُطف وسُجن مع مجموعة من شباب داعش في اليمن، فلاحظ انهم كانوا يفتحون القرآن الكريم، كل الوقت، على الآية 54 من سورة الدخان (... وزوجناهم بحورٍ عينٍ).
هم شبابٌ مُضلَلون مُغررٌ بهم واقعون تحت تضليلٍ وتأثيرٍ ثقافي حاسم، هو ان القتل والدم والترويع، كبسولتهم الفضائية السريعة الى جنة الرحمن والرضوان.
نحن في الوطن الأردني بحاجة ماسة الى الإصلاح، الإصلاح الديني والاقتصادي والتعليمي والسياسي والحزبي والبرلماني ...الخ.
الدستور