الساحة اللبنانية حبلى بكل التطورات
راسم عبيدات / القدس
10-04-2007 03:00 AM
........حالة التجاذبات والتعارضات والصراعات التي تعيشها الساحة اللبنانية ، بين
الحكومة ممثلة بقوى الرابع عشر من آذار ، وبين مؤسسة الرئاسة ومعها قوى المعارضة وعلى
رأسها حزب الله ، أمل ، التيار الحر ، المردة ، القوميين والشيوعيين والبعثيين
والناصريين ، وبما لها من إنعكاسات وتأثيرات وتفاعلات وتدخلات إقليمية ودولية ، تؤشر
الى أن ساحة اللبنانية دخلت مرحلة من الأزمة السياسية المفتوحة على مصراعيها ، وذلك بسبب تلويح قوى الأكثرية النيابية بأخذ المحكمة الدولية نحو الفصل السابع ، ففي مؤتمر القمة
العربي الأخير ، مثل لبنان بوفدين ، وحينها قيل ، لحود مثل لبنان ، والسنيورة مثل "
رايس " ، وهذا يبن بوضوح حجم وعمق التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن اللبناني ،
وهناك جهد عربي تقف على رأسه السعودية والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ،
يعمل من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة والتقريب بين وجهات نظر الفريقين ، وهناك تدخل خارجي
أمريكي – فرنسي ، يسعى الى إفشال وقطع الطريق على أية حلول ووساطات تساهم في الحل
والخروج من الأزمة , بهدف وضع لبنان تحت الوصاية الدولية ، ولعل الحجيج الدولي المكثف
الى العاصمة اللبنانية ، يدخل في هذا الإطار ، فمن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي
مون، والمستشارة الألمانية " ميركيل " ، ورئيسية مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية "
نانسي بيلوسي " ، ورغم أن " بيلوسي " لم تبدي دعما كافيا لفريق الرابع عشر من آذار ،
وأضاءت أمامهم ضوءا أحمر ، عندما قالت لهم أنه من أجل تحقيق الأمن والإستقرار في لبنان
والمنطقة ، فإن العديد من المشاكل لا بد أن تحل عن طريق دمشق ، وهذا يشكل إعترافا صريحا
بالمصالح السورية في لبنان ، وانه في إطار لعبة المصالح ، والتحشييد والتجييش الأمريكي
، لضربة نووية أمريكية محتملة ضد إيران ، فإن أمريكيا مستعدة للتضحية بفريق الرابع عشر
من آذار ، والذي لن يجني سوى رهن وتسليم القرار اللبناني للسفارة الأمريكية والسفارات
الغربية في لبنان ، تماما كما ضحت إسرائيل بقوات لحد في سبيل مصلحتها ، حين إجبرت على
الإنسحاب من لبنان دون أن تبلغهم بذلك ، وبالمقابل فإن الأمين العام للأمم المتحدة
والمستشارة الألمانية ، أبديا دعما مطلقا لهذا الفريق ، حيث طالبا بتشديد الرقابة على
الحدود السورية – اللبنانية ، ووقف تهريب السلاح الى المقاومة اللبنانية ، كما أنهم
جاهزون لدعم هذا الفريق في مسعاه الى إقرار المحكمة الدولية لقتلة رئيس الوزراء
اللبناني السابق رفيق الحريري تحت الفصل السابع ، وبالطبع فإن هذا الفريق الذي يتحجج ،
برفض رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه بري ، أكثر من مرة عقد جلسة برلمانيه من أجل
إقرار هذه المحكمة دستوريا ، وفي إطار التساوق مع المشروع الأمريكي – الفرنسي الهادف
الى تدويل لبنان ووضعه تحت الوصاية الدوليه ، رفع سبعين نائبا لبنانيا طلبا الى ممثل
الأمين العام لإقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع ، وهذا بحد ذاته يشكل سيناريو
إنقلابي على المساعي السعودية والعربية من أجل نزع فتيل الأزمة والتهدئة في لبنان ،
ومحاولة إيجاد حلول سلميه للأزمة ، والمعارضة اللبنانية لا تتهرب من إستحقاق تشكيل
المحكمه الدولية ، ولكن هي ترى أن المحكمة والحكومة والإنتخابات تنبثق من إرادة
لبنانية ، وليس بقرار خارجي أمريكي أو غير أمريكي ، فعلى سبيل المثال حزب الله " يقول
أنهم لا يردون المحكمة ، بل يريدون السيطرة على لبنان ، كما أن مصدر قيادي في المعارضة
، قال أن الطريق الذي تسلكه قوى ما يسمى بالأكثرية تصعيدي وتوتيري وليس طريق لحماية
لبنان ولا لحماية المحكمة ، وهي – أي قوى الرابع عشر من آذار تنفذ برنامجا أمريكيا
بالكامل – ومن هنا فإننا نقول أن الساحة اللبنانية حبلى بكل التطورات ، وهذه التطورات
قد تنحي منحى تصعيدي وخطير ، حيث هناك إصرار غربي وتحديدا أمريكي – فرنسي على تصعيد
الأمور ، ودفعها نحو الإنفجار وإغراق لبنان في مستنقع الحروب الأهلية والطائفية
والمذهبية ، كتمهيد لتدويل لبنان ، وفي المقابل فإن قوى المعارضة ، لن تقف مكتوفة
الأيدي تجاه خطوات قوى 14 آذار التصعيدية ، وهي سترد على ذلك لربما بإعلان العصيان
المدني ، وإستقالة نواب المعارضة من البرلمان ، ووزرائها من الحكومة ، وبما يعني تعطيل
عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية ، ورغم أن المعارضة تقول ، أن الحرب الأهلية خط أحمر
، إلا أن الأمور قد تخرج عن نطاق السيطرة ، بسبب الأجندات الأمريكية والفرنسية الدافعة
نحو التصعيد ، والتي ستسعى عبر مجلس الأمن الدولي لإقرار المحكمة الدولية تحت الفصل
السابع ، وهذا مؤشرعلى تسيس المحكمة قضاة وإجراءات وقرارات ، وبالتالي العجز اللبناني
عن تنفيذ قراراتها ، يفسح المجال لها للتدخل في الشأن الداخلي اللبناني ، تحت يافطة
وذريعة تنفيذ قرار مجلس الأمن ، والأستقواء في الخارج لربما أيضا يهدف للضغط على السيد
نبيه بري لعقد جلسة لمجلس النواب ، وهذه الإحتمالات ليست بعيدة عن ، تدخل عسكري
إسرائيلي في لبنان من أجل ضرب قوى المقاومة اللبنانية وتحديدا حزب الله ، إذا ما علمنا
أن إسرائيل طلبت من أمريكيا وفرنسا أكثر من مره السماح لها بالتدخل العسكري في لبنان ،
لكسر شوكة وهيبة قوى المقاومة ، وفك تحالفها مع النظام السوري وزيادة الضغط عليه ، لوقف
تعاونه وتحالفه مع إيران ، وهذا الخيار رهن بتطور المواجهة الأمريكية – الإيرانية حول
ملفها النووي ، ففي الوقت الذي قد تشرع فيه أمريكيا بتوجيه ضربه نووية تكتيكية للمنشئات
النووية الإيرانية ، فإن المواجهة العسكرية في لبنان ستكون حاصل تحصيل ، وسيكون فيها
حزب الله ومعه كل قوى المقاومة في مواجهة مع إسرائيل ، وأنا أرى أن آفاق حل المشكلة
وتجاوز الأزمة ، على غرار ما حدث فلسطينيا ، إتفاق لبناني ترعاه السعودية ، إتفاق مكة
لبناني ، فرصه ليست كبيرة للنجاح ، حيث أن قوى فريق 14آذار ترهن حركتها وقرارها
السياسي لقوى خارجيه السفارتين الأمريكية والفرنسية في بيروت ، وهذه القوى لا تريد
الخير لا لبنان ، ولا لكل الأمة العربية ، وما يهمها بالأساس مصالحها ، ومصالحها تتطلب
إقامة حكومة لبنانية تنفذ رؤيتها ومصالحها ، وهذا غير ممكن في ظل لبنان قوى المقاومة
وتحديدا حزب الله قوية فيه ، وبالتالي فلا بد من تحقيق هذا الهدف عبر ما يسمى بالسياسة
الأمريكية الجديدة ، الفوضى الخلاقة ، دفع الدول والكيانات الإجتماعية الى حروب أهلية
وطائفية ومذهبية وجهوية ، بالأضافة الى تجزئة هذه البلدان وتقسيمها وتذريرها ، من خلال
إعادة رسم جغرافيتها ، وبما يتفق مع المصالح والأهداف الأمريكية في المنطقة ، ومن هنا
فإن الساحة اللبنانية تبقى حبلى بكل التطورات صعودا وهبوطا ، إستنادا للتطورات
الإقليمية والدولية ، تقارب أو تنافر سعودي – سوري ، توافق أو صراع إيراني – أمريكي
وبما يؤثر على حلقات الصراع الأخرى المرتبطة بها سورية – لبنانية وفلسطينية .
البريد الالكتروني
rasim@shepherdsfieldymca.org