لماذا لم تتصدَ موسكو للهجوم الإسرائيلي؟
فهد الخيطان
29-04-2017 01:17 AM
عمون- لا يمكن للمرء أن يشك بقدرة روسيا العسكرية على اعتراض بضعة صواريخ إسرائيلية، سقطت قبل يومين على مخازن للسلاح قرب مطار دمشق الدولي.
قبل أيام فقط أعلنت مصادر سورية أن روسيا أمّنت بالكامل أجواء سورية بشبكة دفاع جوي قادرة على اعتراض أي هجوم صاروخي. الرئيس السوري بشار الأسد لم يبلغ هذه الدرجة من المبالغة في وصف الوضع الحالي، إذ صرح لوكالة "سبوتنك" الروسية الأسبوع الماضي بأن بلاده خسرت نصف قدراتها في مجال الدفاع الجوي، وهى بصدد الاتفاق مع روسيا على تزويدها بشبكة صواريخ اعتراض متطورة.
لكن بمزيج من الشك وخيبة الأمل يتساءل أصدقاء روسيا في المنطقة، لماذا لم تعترض الدفاعات الجوية الروسية الصواريخ الإسرائيلية؟
قبل ذلك ينبغي السؤال عما إذا كانت موسكو قد تبلغت بالهجوم الإسرائيلي قبل وقوعه؟
لم يصدر تصريح روسي يفيد بهذا الأمر، لكن وزير الاستخبارات في حكومة الاحتلال يسرئيل كاتز قال للإذاعة الإسرائيلية بهذا الخصوص إن "موسكو وإسرائيل تتبادلان معلومات عبر مختلف القنوات".
هذا ليس بالسر الخطير؛ فقد طور الطرفان منذ سنوات آلية للتعاون وتبادل المعلومات بشأن سورية. ورغم الحذر الروسي الشديد من نوايا إسرائيل حيال الأزمة السورية إلا أن العلاقات بين موسكو وتل أبيب لم تتأثر إطلاقا بالهجمات الإسرائيلية المتكررة في سورية، وباستثناء تصريح دبلوماسي يتيم لم تقف موسكو في وجه ما تسميه إسرائيل مصالحها الأمنية العليا في سورية، والمتمثلة بمنع نقل أسلحة متطورة ونوعية لحزب الله في لبنان عن طريق سورية.
الهجوم الصاروخي الأخير استهدف ما تقول إسرائيل إنها مخازن سلاح كانت في طريقها لحزب الله. موسكو غير معنية بالتورط في المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، وأكثر من ذلك لا تمانع قيام أي طرف بدور لتحجيم حضور إيران وحليفها حزب الله في سورية.
روسيا حاضرة في سورية للدفاع عن مصالحها وليس عن مصالح إيران وحزب الله، لا بل إن التعارض في أجندة الطرفين تجاه مستقبل الأزمة السورية لم يعد يخفى على أحد.
موسكو غير معنية أبدا باستراتيجية إيران لدعم قدرات حزب الله في مواجهة إسرائيل، ولا تخفي المراجع الروسية انزعاجها من نفوذ إيران في سورية، وسلوك الجماعات المحسوبة عليها في الميدان السوري.
ومن ناحية أخرى، هناك علاقات استراتيجية عميقة بين روسيا وتل أبيب وعلى مختلف المستويات، ولا يمكن لوجود روسيا في سورية أن يكون على حساب هذه العلاقات أو في الضد منها. وإسرائيل لم تكن يوما من الأطراف الإقليمية التي اعترضت على الوجود الروسي في سورية.
وروسيا لم تتعافَ بعد من الخسائر السياسية والدبلوماسية التي تكبدتها جراء ما حدث في خان شيخون، والاتهامات التي لاحقتها بالتقصير في تدمير ما لدى النظام السوري من أسلحة كيماوية، ولهذا فهي غير معنية بالتصعيد ضد إسرائيل أو غيرها من الأطراف في هذه المرحلة.
في موسكو ثمة شكوك حول الطرف الخفي الذي يقف خلف هجوم خان شيخون الكيماوي، وأنه جاء لإحراج موسكو بالدرجة الأولى، وقد تكون ضربة مطار دمشق أحد أشكال الرد المقبولة على ذلك الهجوم الذي أربك الخطة الروسية في سورية.
الغد