في بلادنا لا توجد بحيرات ولا تجري أنهار، فقد كانت الأمطار وما تزال هي المصدر الاساسي للمياه. تغذي الآبار وتملأ السدود وتسقي المزروعات وتلبي جميع احتياجاتنا المائية. في المواسم المعتدلة تستقبل الاراضي الاردنية ما يقارب 9 مليارات متر مكعب من المياه يتبخر اكثر من 90 % منها ويذهب بعضها لتغذية المياه الجوفية ومخزون السدود والحفائر التي لا يتجاوز استيعابها 400 مليون متر مكعب.
النمو السكاني والاستثمار والتوسع في الزراعة الصحراوية ونشوء مزيد من القرى والضواحي والمخيمات في اماكن لا تملك مصادر مياه طبيعية، جميعها تشكل ضغوطا اضافية على مصادر ومخزون المياه المتواضع.
بالرغم من أن الاردن كان وما يزال احد اكثر دول العالم فقرا في المياه، الا ان الزيادة في الطلب على المياه تنمو بمتوالية يصعب الاستجابة لها بكفاءة ضمن المعطيات المتوافرة. خلال اقل من عشر سنوات تضاعف سكان الاردن بسبب عوامل الهجرة واللجوء والحروب الاهلية وتغير انظمة الحكم في العديد من الدول العربية وبلدان الجوار بشكل خاص. بالمقابل بقيت نسب الهطول المطري حول المعدلات السنوية واقل منها.
المواطن الاردني الذي اعتاد على نظام تقنين المياه استبشر خيرا عند الإعلان عن افتتاح مشروع جر مياه الديسي قبل سنوات، وتخيل ان الـ100 مليون متر مكعب الاضافية ستوفر كل ما تحتاج له المنازل والفنادق والمنشآت من مياه الشرب، وتؤدي الى توقف برامج التوزيع وسيل الشكاوى التي يتقدم بها الناس الى سلطة المياه وشركات التوزيع وبرامج البث المباشر واللقاء المفتوح ويحدث اليوم، وعشرات البرامج الاذاعية التي اشغلت ساعات بثها وكسبت جل جماهيريتها من استقبال وبث شكاوى المياه وملاحقتها.
في هذا العام كان معدل الهطول المطري متواضعا، فكمية الامطار كانت اقل من المعدل السنوي، ومخزون السدود في حدود الـ50 % من الطاقة الاستيعابية لها، والطلب على المياه في تزايد كبير. التقديرات الاولية تشير الى احتمال وصول العجز في موازنة المتوفر الى المطلوب من المياه الى 400 مليون متر مكعب هذا العام، الامر الذي قد يضعنا امام ازمة مائية حقيقية، خصوصا اذا ما كان الصيف هذا العام لاهبا كما يتوقع البعض.
الجهود التي قامت وتقوم بها وزارة المياه في معالجة الازمات خلال عهد وزيرها الحالي كانت، وما تزال، موضع تقدير المواطنين واعجابهم، فقد تحسنت كفاءة الاستخدام وعدالة التوزيع لما هو متوفر من مياه، فانخفض حجم الشكاوى بشكل لافت وتراجع الاحساس بالخوف لدى البعض من امكانية البقاء خارج تغطية الشبكات المائية. لكن ذلك لا يعني ايجاد حلول مطمئنة وآمنة لمشكلة وتهديد النقص الحاد في المياه.
اليوم ومع بداية دخولنا الصيف وما يعنيه ذلك من زيادة في الطلب على المياه لغايات الشرب والري والسياحة والترفيه والصناعة، يتجدد السؤال لدى المواطن حول الاستراتيجيات الاردنية لتوفير الأمن المائي ومصير مشروعات التحلية والحصاد والاستمطار والغطاء النباتي الذي يساعد على رفع معدلات الهطول وغيرها من الافكار والمشروعات التي يمكن ان تشكل اهم اساسيات التنمية والاستقرار.
القناة الواصلة بين البحرين؛ الاحمر والميت اولوية ينبغي الاسراع بتنفيذها، وتحريج سفوح الجبال واحزمة المدن، واستخدام المياه الرمادية في ريها، فهذه اولويات ينبغي الاسراع في تنفيذها، اضافة الى حصول الاردن على نصيبه العادل من الاحواض المائية المشتركة مع بلدان الجوار، وتشجيع برامج الحصاد المائي.
الغد