الاقتصاد بين التشاؤم والتفاؤل
د. فهد الفانك
28-04-2017 03:19 AM
عندما يتعلق الأمر بالنظر إلى الوضع الاقتصادي هذه السنة ينقسم الأردنيون إلى متشائمين ومتفائلين.
المشتائم منا يرى الأمور من خلال نظارة سوداء فتبدو له أسوأ مما هي في الواقع ، وهو يتوقع أن تزداد الأمور سوءاً. وعلى العكس من ذلك يرى المتفائل الأمور من خلال نظارة وردية فتبدو له أجمل مما هي في الواقع ، وهو يتوقع المزيد من التحسن.
كلاهما مخطئ إلى هذا المدى أو ذاك ، وغير قادر على قراءة الواقع واستشراف المستقبل بطريقة موضوعية تعتمد على معطيات محسوسة وقابلة للقياس.
على هذا الأساس نتمنى أن يتخلى الناس عن التشاؤم والتفاؤل ، ليكونوا موضوعيين ، يقدّرون الخطر بقدره ، ويقدّرون الفرص بمقدارها. لكن هذا التمني غير وارد في الحياة العملية ، فالإنسان يتفاءل ويتشاءم ، وينتقل أحياناً من حالة التفاؤل إلى حالة التشاؤم أو بالعكس.
طالما أن الأمر كذلك ، فإن التفـاؤل مطلوب في المجتمع ودوائر الأعمال ، لأنه يشكل حافزاً للحركة والاستثمار ، وليس مطلوباً عند المسؤولين ، لأن تفاؤل الحكومة يسمح لها بالاسترخاء ، ويعفيها من التصرف طالما أن كل شيء سائر في الطريق الصحيح.
على العكس من ذلك فإن التشاؤم في المجتمع ودوائر الأعمال يحقق ذاته ، فالتشاؤم يعني تجميد النشاطات الاستثمارية ، وتأجيل أو إلغاء المشاريع ، وأخذ موقف الترقب. أما التشاؤم عند المسؤولين فمن شأنه أن يمنع حدوث الخطر ، لأنه يدعو إلى التحوط للأخطار سلفاً.
هذا لا يعني فرض التفاؤل على رجال الأعمال خلافاً لقناعاتهم ، ولا يعني فرض التشاؤم على المسؤولين بالرغم من اعتقادهم بأن الأمور جيدة ، لكنه يعني أن نشر روح التفاؤل في القطاع الاقتصادي أمر مفيد ، وأن قدراً من التشاؤم والتخوف لدى المسؤولين أمر محمود يدعوهم للحذر والحيطة.
تشاؤم القطاع الخاص الذي يرافقه تفاؤل الحكومة لا يدعو للطمأنينة ، وهو وصفة مضمونة للركود الاقتصادي والتأخر في الاحتياط لجميع الاحتمالات ، وتشاؤم الحكومة الذي يرافقه تفاؤل القطاع الخاص هو وصفة مضمونة للنمو والمناعة ضد الأخطار.
تستطيع الحكومة أن تتفاءل لبث روح التفاؤل والتحفيز ، على أن تكون متشائمة عند البحث في سيناريوهات المستقبل لتظل على استعداد لمواجهة أسوأ الاحتمالات.
الرأي