وزارة الاقتصاد هي من يجب ان يتولى ادارة اقتصاد الدوله . هذا ما تقتضيه الف باء ادارة الاقتصاد لانها المسؤوله عن الاحاطه بحالة الاقتصاد ، وتقدير خط سيره ، والتنبؤ بما قد يواجهه ، فضلاً عن التأكد من سلامة التخطيط لمستقبله وتقديم الرأي بالشأن الاقتصادي لصانع القرار عندما يكون مطلوباً . فغيابها يترك اثاراً سلبيه عميقه على سلامة ادارة الاقتصاد وتتحول الى عمل تحكمه العفويه الى حد بعيد . في بلدنا سوف يزعم الساكتون عن غيابها ان مهامها موكولة لعدة وزارات. والواقع انه زعم اسوأ من ذنب .
تصوروا لليوم ليس لدينا وزارة مسؤولة عن ادارة اقتصادنا رغم الحاجه الماسه لها نظراً لما يمثله وجودها من وحدة ومركزية لادارة الاقتصاد ، ولما يجب ان تتولاه من مهام في غاية الاهميه ومن غير الحكمة توزيعها على عدد من الوزارات بدلاً من تجميعها في وزارة واحده مختصه متكامله المسؤوليات والاداء . فمن بين ابرز مهامها متلاك قاعدة البيانات الاقتصاديه الشامله ، والقيام بالدراسات المطلوبه للمتابعه والتطوير ، ومراقبة اوضاع الاقتصاد ، ومتابعة خط سيره ، والتنبؤ بمؤشرات المستقبل ، ووضع مسودات خطط التنميه الاقتصاديه والاجتماعيه ، وتقديم الرأي الاقتصادي لصانع القرار ، واقتراح التدابير اللازمه لمواجهة الازمات الاقتصاديه الاستثنائيه والطارئه ، وانجاز كل ذلك مؤسسياً مع شركائها من الحكومه والقطاع الخاص . وزارة التخطيط ليست معده لهذه المهمه ولا هي مطلوبة منها وحدها اصلاً . فهي مثل غيرها من الوزارات غير مهيأه بنيوياً وفنياً لادارة الاقتصاد وتقديم الرأي والدراسات الضروريه لاتخاذ القرار الاقتصادي . وكذلك وزارة الماليه ، ومثلها وزارة الصناعه والتجاره . ليس ذلك انتقاصاً من دور اي منها فالامر اصلاً ليس من مسؤولية اي منها وحدها .
هل تساءل احدكم يوماً لماذا يوجد بنك مركزي مسؤول عن النقد ، ووزارة ماليه مسؤوله عن الماليه العامه ، ولا توجد وزارة اقتصاد وطني مسؤوله امام الحكومه عن الاقتصاد الكلي ومراقبة اوضاعه وتوجيهه والتنبؤ بسيره وقرع جرس الانذار عندما يلزم ؟ فالاقتصاد ليس النقد ولا الماليه العامه فقط وهذه معلومه بديهيه حتى لطلاب كليات الاقتصاد .
الجهه التي كانت مهيأه لادارة شؤون الاقتصاد هي اولاً وزارة الاقتصاد الوطني التي تم الغاؤها عام 1975 لتحل محلها وزارة الصناعه والتجاره التي لا تتضمن مسؤولياتها ادارة الشأن الاقتصادي . والشيىء نفسه حصل مع المجلس القومي للتخطيط الذي كان هو الآخر مهيأ مبدئياً لهذه المهمه حيث تم الغاؤه عام 1984 لترثه وزارة التخطيط التي لم تكن مهيأة لها .
في ظل ذلك تأخذ الحكومه قرارها الاقتصادي بتشكيل لجنه من عدد من الجهات او بتنسيب من وزارة مختصه او اكثر . بينما المطلوب وجود مؤسسة متخصصه بشؤون ادارة الاقتصاد يكون لديها وحداتها وكوادرها ومسؤولياتها المحدده تتولى صناعة مسودة الرأي والقرار الاقتصادي بعد الحوار مع الجهات الحكوميه ذات العلاقه ومؤسسات القطاع الخاص التي يجب ان تكون جزءاً اصيلاً من بنيتها والتنسيب بما تتوصل اليه الى مجلس الوزراء .
ملاحظه هامه اخيره :
هل تعتقدون ان الحكومه عندما تتخذ قرارات بزيادة الضرائب او رفع اسعار الخدمات بما يترتب عليها من اثار سلبية على المستهلكين واثار جانبيه اخرى على الاقتصاد تعتمد في قراراتها على دراسات اعدت لها تتضمن سنياريوهات تفاضل بين بدائل مختلفه لتختار من بينها البديل الاقل كلفه على المستهلكين والاقل سلبية على نمو الاقتصاد والاعلى عائداً للحكومه ؟ والجواب للاسف هو لا ، لان الحكومه لا تتخذ قراراتها بناء على مثل تلك الدراسات . وببساطه اكثر هي لا تملك من بين اجهزتها القائمه من له اصلاً قدرة على القيام بها . حيث لم يجر بناء وحدات متخصصه في اي وزاره او مؤسسه حكوميه مزودة بما تحتاجه من كوادر وامكانيات للقيام بهكذا دراسات . ولذلك نحن بأمس الحاجة لوزارة للاقتصاد الوطني وقواعد بيانات شامله لجميع قطاعاتنا .