لا أدري فيما إذا فكّر مسؤولو مركز الدراسات الاستراتيجية جيداً عندما قرروا القيام هذه الأيام باستطلاع للرأي العام حول مدى قدرة الحكومة على إنجاز مهامها وتحمل مسؤولياتها، وهل التوقيت مواتٍ حالياً لمثل هذه الدراسة أم لا..!!
المعطيات تقول أن شعبية رئيس الحكومة عالية في الفترة الراهنة، وخصوصاً بين أوساط الرأي العام، فالشارع يؤيد بقوة حالياً الرئيس الذهبي، والصالونات العامة تقول أن الرئيس يتمتع بمصداقية عالية، وأنه صاحب وفاء بوعوده خصوصاً مع قيام حكومته بتخفيض أسعار المحروقات تزامناً مع انخفاضها عالمياً، وهي النقطة المفصلية التي دفعت بشعبية الرئيس بقوة إلى الأعلى، فهل من المناسب في ظل هذه الأجواء أن يتم استطلاع رأي عام حول الحكومة وإنجازاتها.. هل ستعكس النتائج التي ستسفسر عنها الدراسة حقيقة الإنجاز الحكومي ومدى قوة الحكومة وقدرتها على تحمل المسؤولية بصورة جلية ودقيقة..!!؟
ما يتراءى لي أن توقيت إجراء استطلاع وقياس للرأي العام حول الحكومة بهذه الأيام، وإن ترافق مع مرور عام على تقلدها لمهامها، إلاّ أنه توقيت غير موفق أبداً، وقد لا تحمل نتائجه أي مصداقية ولن تكون موثوقة، نتيجة الاتجاه العام المؤيد حالياً للرئيس، لا بين العامة ورجل الشارع فحسب، بل أيضاً بين العديد من النخب السياسية والثقافية والأيدولوجية على حد سواء..!!
من هنا أدعو مركز الدراسات الاستراتيجية إلى إعادة النظر في موضوع الدراسة وتوقيتها، حتى وإن توزّعت على أكثر من مستوى وشريحة اجتماعية، فلا نريد أن تكون النتائج مبالغاً فيها، وأن لا تعكس حقيقة الوضع والموقف من الحكومة، فالتأثر الشعبي الإيجابي الكبير الذي تركته الإجراءات الحكومية الأخيرة في معالجة أسعار المحروقات وأسعار العديد من السلع الأخرى التي انخفضت عالمياً بوتيرة متسارعة، ما هو إلاّ حالة ظرفية مرتبطة بما يجري وراء البحار، وليس للحكومة فضل كبير فيه، لكنها بدت محظوظة حين ساعدتها الظروف العالمية على ذلك..!!
لا أقول هذا الكلام من باب التقليل من إنجازات الحكومة، أو حتى أكون أكثر دقة من إنجازات رئيسها، فقد عبرت عن رأيي أكثر من مرة بأن الحكومة الحالية هي حكومة الرئيس، وأن أكثر من نصف فريقه الوزاري حمل زائد، دعوت الرئيس أكثر من مرة إلى التخلص منه في أقرب محطة، ولكن ما نريده فعلاً هو الوقوف الدقيق على صورة رأي عام تعكس حقيقة الموقف من الحكومة وإنجازاتها بعيداً عن مؤثرات طارئة قد تغير بدرجة كبيرة في النتيجة، وبالتالي تضر بالحكومة مثلما تضر بالمجتمع، كما تضر أيضاً بمصداقية مركز الدراسات الاستراتيجية، وهو ما لا نرتضيه أبداً..!!

Subaihi_99@yahoo.com