في كل مرة أقرر بها استذكار مناقب الفقيد المرحوم فارس العلاونة يتنازعني شعوران، شعور الابن البار بوالده الجليل الذي زرع بذور الفرح والسكينة في بيته وبين أولاده، وشعور المواطن التواق إلى رجال الوطن المخلصين في حبهم وولائهم لقيادته وأرضه وسمائه، فضلا عن انتمائهم العروبي والإسلامي للأمة بمكوناتها الجامعة لكل قيم المحبة والتسامح.
ولا أخفي القارئ الكريم ان شعور المواطن تجاه النموذج الوطني المأمول يطغى على رثائي السنوي لهذه القامة الوطنية التي عز نظيرها في زمن المواقف المتغيرة، والمبادئ القابلة للتطويع وإعادة الإنتاج على النحو الذي قد لا يخدم دائما المصلحة العليا، وتطغى فيه مصالح الأفراد على المصلحة العامة.
تولد يا والدي في يوم ويسمى يوم مولدك، تتنفس رائحة الحرية والعزة والكرامة، وتشرب كأس الحياة من رفال العليا، ورفال العليا هو شخص أشربني وسقا غصني في كل صباح بأن النوق إن صرمت لن نجد لها لبنا ولا ولدا. وكان – يرحمه الله - يقول: لا تمشي في الأرض مرحا، وكن دائما ابني عبدالله الذي عهدته يتكلم بالحق ولا يخشى فالله لومة لائم ، رفعت الأقلام وجفت الصحف.
في السادس والعشرين من نيسان عام 2011 والذي يصادف اليوم الاربعاء رحل الحاج فارس العلاونة، ولم ترحل كلماته التي مازالت أصداؤها تتردد في قلبي وعقلي ووجداني، عن الرجولة والبطولة والقدس الشريف، لقد كان لزهرة المدائن في وجدانه عشق من نوع خاص عشق لا يشاطرها به أحد، فلقد عمل المرحوم.
مديرا المؤتمر الاسلامي العام لبيت المقدس،
ومدير مكتب المجلس الاسلامي في عمان،
وعضو المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والاغاثة، وعضو مجلس المنظمات والجمعيات الإسلامية في الأردن،
مستغلا كل هذه النوافذ لتعظيم قيم الأمة وحضارتها وتكريس ثقافة التقديس للمقدسات والدين والأرض والإسلام والعروبة. لا لتقديس نفسه في أعلى المراتب .. المرتبة والمكانة التي كان يرنوا اليها هي مخافة الواحد القهار
نعلم أن لا راد لإرادة رب العالمين، ولكن الفراق صعب، فقبل ستة أعوام فارقت هذه الدنيا الزائلة إلى الآخرة الدائمة، تركتنا ونحن أحوج ما نكون إليك، فقد كنت لنا دوما السند والمرشد، والناصح، والموجه، نستذكر وندرك أنك كنت أبعد منا نظرا، ونذكر أنك كنت الملاذ إذا ما ادلهمت الخطوب، وعز النظير، وأغلقت الأبواب، وسدت المتاريس.
عزاؤنا أنك تركت معينا لا ينضب من الحب، والإخلاص والتاريخ الجميل أيها الأصيل الجليل.
لقد كان المرحوم من احد مؤسسي جامعة القدس، و أحد مؤسسي مجلة أرض الإسراء التي كانت تعرض معالم القدس وتتحدث عن تهويد القدس.
وحاز المرحوم على العديد من الأوسمة والتكريم, تقديرا لجهوده المخلصة تجاه القضية الفلسطينية عموما والقدس خصوصا.
وبعد وفاته حاز على جائزة" الوفاء والدفاع والمؤازرة" من جامعة القدس تقديرا لوقوفه الى جانبها في النهوض بهذه الجامعة كأحد اهم صروح التعليم المقدسية. لك الدعاء دائماُ يا أجمل ما نطق الفم , ونسأل المولى عز وجل أن نكون ممن يذكرون علها تنفع الذكرى، بأن ما يذهب لا يعود , فاحرصوا على باب من أبواب الجنة أن يقفل دون أن يكون لكم منه رحمة..
(وبالوالدين إحسانا).
ابنك المخلص عبدالله فارس العلاونة.