في النمسا، رئيس الوزراء لم ينتظر أن يدخل عليه المستشارون ليقولوا له "كل شيء تمام"، ولم ينتظر نتائج استطلاع مراكز الدراسات الاستراتيجية ليقولوا له شعبيتك اكثر من ميسي، ولم ينتظر صدور الصحف لتكون صورته أكبر من أبو الهول للإشادة بإنجازاته العظيمة!
الرئيس، ورغبة منه في التعرف على مشاكل المواطنين من قرب وتقييمهم لأداء حكومته، قام بالتنكر في زي عامل بيتزا، وبالفعل اتفق مع أحد محال البيتزا لتوصيل الطلبات، وفوجئ المواطنون به يقرع الباب ويسلم البيتزا، ومن ثم دار بينه وبينهم حوار حول السياسة والخدمات الحكومية وقضايا الأمن والشأن العام، واكتشف أن الشعب النمساوي مبسوط ويشكر الله كثيرا.
ملخص الحوار بين الرئيس والمواطنين كان مختصرا؛ المواطن النمساوي (من على الباب): ثانكس دولة الرئيس. الرئيس: كيف ترى حكومتي ومستوى الخدمات العامة؟! المواطن: جيدة جدا، ولي فقط ملاحظة بسيطة أن أسعار البيض ارتفعت فلسا دون وجود أي مبرر. الرئيس: نعتذر بشدة، لأنه عندما ارتفعت الأسعار طلبت تقريرا مفصلا من وزير الزراعة ووزير الصناعة وزير المالية، وتبين أن السبب هو تدني درجات الحرارة في البلاد فتراجع الإنتاج، وحكومتي ليس لها صلاحيات في رفع درجة الحرارة. أرجوك أن تشعر معنا وأن تتحمل الفلس لأنه ليس لنا علاقة بالظروف الجوية!
ويغادر بعدها الرئيس دون أن يتقدم منه المواطن بأن أفلح على فنجان قهوة، أو أعطنا يوما، أو أن يستغل وجود الرئيس ويطلب منه تزبيط الولد بالدفاع المدني!
سمع رئيس وزراء من عربنا بما فعل نظيره النمساوي، فقرر أن يقوم بنفس المبادرة. نصحه المستشارون والمرافقون الأمنيون بخطورة ما يفعل وأنها أقرب الى محاولة انتحار، لكن كان لديه أصرار أن يعرف تقييم حكومته ونتائج السياسات الحكومية التي انتهجتها مؤخرا، ولأنه يعرف مسبقا بأن الشعب ما معه يأكل، قرر أن لا يتخفى لا بزي عامل بيتزا ولا حتى بزي عامل فلافل، وأن (يتلصم) ليخفي ملامح وجهه ويدخل الأحياء والأسواق على أنه مواطن يرغب بالشراء.
الرئيس: بكم البيض خيوه؟! التاجر: ليرتين وربع. الرئيس: بس، التاجر: لا بستين. الرئيس: ليش رخيص البيض اليوم؟! التاجر: الديك كان عامل عملية فتاق والحمد لله استرد عافيته وزاد الإنتاج. الرئيس: وهل هناك إقبال من المواطنين على البيض؟! التاجر: يازلمة أنت ذكي، ليش هو في بديل للبيض حتى الناس تستغني عنه!
جن حنون الرئيس من سعر البيض، واكتشف أن الفريق الاقتصادي لا يقوم بالمهام الموكلة إليه، وقد اخفى عنه تدني أسعار البيض. واستاء الرئيس جدا من أن الشعب مبسوط يأكل البيض المسلوق والمقلي ليلا ونهارا، بينما موازنة الدولة تعاني من عجز كبير.
قطع جولته التفقدية ودعا مجلس الوزراء لجلسة طارئة، كان أبرز قراراتها:
1 ) قبول استقالة الفريق الوزاري 2) إعدام الديك بتهمة الإخلال بالنظام الاقتصادي للدولة 3 ) تزويد مزارع الدجاج بحبوب منع الحمل بالمجان 4 ) وحفاظا على صحة المواطنين من ارتفاع الكوليسترول قررنا فرض ضريبة خاصة على أسعار البيض.
الحمد لله، الحمد لله، أن الرئيس ما زار محلات كل شيء بعشرة قروش؟!!
الغد