تدوير مديري المدارس ومديريات التربية والتعليم
عريب الخطيب
24-04-2017 12:17 PM
كثيرة هي الافكار التي طرحها بعض الخبراء والتربويون ووزراء سابقون وحاليون لتطوير وتحسين العملية التربوية والتعليمية في وطننا الغالي، الا ان بعض هذه الافكار والطروحات لم يتقبلها المجتمع واعتبروها عقبة في التطوير وسبباً في تأزيم المشاكل والتحديات، والبعض الآخر من تلك الافكار بقيت عالقة في الأذهان واستحسنها الكثيرون رغم عدم تطبيقها على أرض الواقع التربوي لفترة زمنية طويلة ولم تدم وتستمر لأسباب عديدة منها التغيير الدائم في القيادات التربوية وعدم بقاء البعض في المنصب لفترة أطول ليتمكنوا من تنفيذ مخططاتهم وتطبيق أفكارهم الاصلاحية والتطويرية وحصد نتائج وثمار جهودهم ومشاهدة الأثر الإيجابي لتلك الافكار والابداعات ،إضافة الى أسباب أخرى مثل عدم قناعة البعض الآخر في تبني أفكار زملاءهم وطرحهم لأفكار جديدة تتناسب مع خبراتهم وكفاءاتهم إضافة الى رغبتهم في تقديم الجديد بما يرونه مناسباً مع زمنهم والذي بالتأكيد يرغبون به أن يكون متميزاً ومختلفاً عن الغير ،فتغرق تلك الافكار وتتلاشى في طي النسيان ولا يعود لها وجود رغم إيجابيات بعضها وتميزها ولما فيها من فائدة قد يجنيها الواقع التربوي فعلا إن تم تحقيقها وتجريبها وتطبيقها لتصبح قاعدة او قانوناً يُقَدم الايجابي والجديد.
من تلك الافكار التي لا تزال عالقة في اذهان البعض ما طرحه تربوي مخضرم ووزير أسبق في التربية والتعليم" بأن لا يبقى مدير المدرسة في موقعه أكثر من أربع سنوات حيث يتم بعدها تدوير المدراء ونقلهم الى مدارس أخرى"، وكان الهدف الرئيسي من طرح هذه الفكرة تبادل الخبرات ونقلها من مكان الى آخر خاصة إن كان المدير مميزاً وقائداً تربوياً فَذْا يُفيد بخبراته الافراد والمكان الذي يُنقَل اليه، ومن جهة أخرى لا يبقى المدير المتلاعب على وضعه داخل المدرسة وبنقله يستفيد في إكسابه خبرات ومهارات أخرى من خلال تغيير المكان والعاملين فيه ،فقد يكون غير قادر على إدارة مدرسته السابقة لأسباب عديدة بعضها يتعلق بضعف مهني وآخر نفسي وبالتدوير تتغير نفسيته وتنقلب سلبياته الى ايجابيات تعكس افضل ما لديه فيثبت وجوده بشكل افضل بعد زوال المعيقات عنه.
وما دمنا نبحث عن التطوير وتحقيق النجاح بالتربية السليمة والوصول الى التميز في التعليم فلا ضرر في ضخ دماء جديدة داخل المدارس والمديريات والإدارات سواء في المركز أو الميدان للسعي نحو الابداع والتطوير والجودة في العملية التعليمية والتربوية، وعلينا أن ننظر للتدوير بأنه تكريم للمبدع والهدف منه نقل خبراته وإكساب الأفراد والمعلمين في مواقع أخرى تلك الخبرات والمهارات وتحقيق التغيير الإيجابي وقتل التقاعس عن العمل وإحياء الرغبة في صُنع التميز وتوفير الاستقرار وضمان افضل النتائج والارتقاء بمستوى التعليم والتحصيل المدرسي وتفعيل العملية التعليمية إضافة الى توسيع قاعدة التعارف بين المعلمين والمدراء وغرس روح المحبة والتعاون بينهم وخلق جو من الإبداع في المكان وتغييره الى الافضل وكذلك تعزيز التنافس الشريف والنظيف بين الموظفين بما يتناسب مع مصلحة المؤسسة التعليمية والوطن.
وللتدوير اهمية خاصة تَكمُن في القضاء على معاناة بعض المعلمين والعاملين بسبب ما يخلقه بعض المدراء من تأزيم في العمل بإيجاد "شلل ومافيات " تربوية يعملون لإرضاء المدير والمسؤول على حساب العملية التعليمية بحيث يحققون اهدافهم الخاصة البعيدة كل البعد عن المصلحة العامة ،وبنقل المدراء يتم التخلص من موضوع الشللية التي تعمل على هدم وتدمير التعليم والاساءة الى المكان وسمعة التربية وبالتأكيد لا يمكن لأي مسؤول جديد أن يقبل على نفسه استقطاب نفس الافراد وتقريبهم اليه خاصة ان كان على ثقة بانهم يعملون لصالح مدير سابق ويسعون لتخريب كل ما هو جديد.
وبالتدوير يتجدد النشاط وتتنوع الخبرات ويتميز الافراد مما ينعكس إيجاباً على البيئه المدرسية ويسعى الجميع للتعرف على كل جديد في المكان وتقديم كل ما لديهم من طاقات وإمكانيات لإثبات وجودهم في الموقع الجديد ،ولا نغفل عن حقيقة بقاء البعض في مواقعهم لمدة زمنية طويلة يؤدي الى الملل منهم والتشبع من كلامهم الذي قد يكون مخالفا على أرض الواقع مهنيا وممارسة عنه شفوياً
ويصبح وجودهم روتينا متكررا لا جديد فيه.
وعملية التدوير لو تحققت فعلا بعدالة وشفافية وتبنت الوزارة هذا الأمر على أسس تهدف الى تحقيق التميز في التعليم والتنافس بين الأفراد بعيداً كل البعد عن الارتجالية والاهواء الشخصية، واضعين بعين الاعتبار المصلحة العامة وتغليبها على المصلحة الخاصة، كفيل بأن نتخلص جميعا من اعتبار المدرسة والمديرية ممتلكات خاصة للمدير ونقضي على عبارة يكررها الكثيرون "مزرعة المدير الفلاني" إضافة الى تجديد الدماء والحيوية والنشاط عند من يرفضون التجديد والتغيير ويرغبون في الركود والبقاء في نفس المكان لفترة طويلة مما يؤدي الى قتل افكارهم وتجميدها ،وعلينا ان لا ننسى المثل القائل "الماء الراكد يحتاج لمن يحركه".