السفير الأميركي الجديد في «إسرائيل» المحامي الذين يدين باليهودية، ديفيد فريدمان، يريد ان يسكن في مدينة القدس المحتلة، سواء تم نقل السفارة الأميركية الى القدس، او لم يتم نقلها.
هذه هي تصريحاته، فيما تسرب قناة فضائية إسرائيلية، معلومات، حول بدء البحث عن سكن للسفير في المدينة المحتلة، والتسريب مقصود لاعتبارات كثيرة.
يأتي هذا الكلام في الوقت الذي كانت فيه إدارة الرئيس الأميركي الجديد، قد المحت مرارا الى احتمال نقل السفارة الأميركية الى القدس، وذات الرئيس تعهد حين كان مرشحا، ان ينقل السفارة الى المدينة.
على الاغلب يتم اليوم التمهيد لهذه الخطوة، عبر الكلام عن نقل بيت السفير الى المدينة المحتلة، والكل يعرف ان قرار بيت السفير، ليس ملكا للسفير، فهو يمثل الولايات المتحدة الأميركية، ولا يتخذ قرارا بهذا المعنى، دون موافقة ادارته.
المثير في المعركة اللغوية العربية، ضد نقل السفارة الأميركية الى القدس، انها تتناسى أولا، ان هناك قنصلية أميركية في القدس، وهي القنصلية التي شهدت لقاءات فلسطينية إسرائيلية، واذا كان الاختباء وراء تمثيل دبلوماسي اقل، ينفع في مرات كثيرة، فإن علنيا الاعتراف هنا، ان اميركا تعترف فعليا بالقدس عاصمة لإسرائيل، جراء سياسات الحماية التي تقدمها واشنطن لإسرائيل في سياساتها داخل المدينة، إضافة الى وجود القنصلية الأميركية في القدس. مايمكن قوله هنا، ان كل المؤشرات تدل على ان نقل السفارة امر قريب، والمعلومات لدى واشنطن ان منسوب الاعتراض العربي والإسلامي الرسميين منخفض الى حد كبير، ما سيشجع واشنطن على نقل السفارة نهاية المطاف.
المشكلة الثانية ان التعبيرات العربية والإسلامية، تتمسك بالرمزيات وحسب، أي ان نقل السفارة يعد اعترافا بالقدس عاصمة لإسرائيل.
لكن دعونا نتحدث بصراحة، حول سياسات الدعم الأميركي السياسي والمالي والعسكري، وهي سياسات تثبت ان اميركا تقر فعليا بكون القدس عاصمة لإسرائيل، وليس ادل على ذلك من عدم اعتراضها على كل الإجراءات الإسرائيلية في القدس الشرقية، ولو كانت واشنطن تعتقد عكس ذلك، لاوقفت إسرائيل عند حدودها بشأن كثير من القضايا.
الرسالة الأهم حول قرب صدور هذا القرار، يتعلق بسكن السفير، الذي يقول على عهدته انه سيعيش في القدس، حتى لو لم يتم نقل السفارة.
هذا كلام لاينطلي على العارفين بالدبلوماسية، فالرجل لايمثل دينه الأساس، ولاميوله السياسية، او الشخصية، وهو كسفير، يمثل بلاده، وكل خطوة محسوبة في هذا الاتجاه، وعلى هذا يمكن القول ان واشنطن مررت عبر قصة «سكن السفير» الخطوة التالية، أي نقل السفارة ذاتها، او بناء سفارة جديدة لاميركا في القدس.
مالذي سيفعله العالم العربي هنا؟ الأرجح ان لااحد سيكون قادرا على الاعتراض، لان اعتراض منطقتنا يأتي كلاميا، وبتحميل المسؤوليات، والاتهامات، ولا تسمع أحدا يعترض بأتخاذ أي إجراءات من أي نوع، والكلام هنا، لايسمن ولايغني عن جوع.
قد يكون هذا العام، فعليا، هو عام، تعميد الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعلينا ان نستعد لمعركة كبرى في وجه هذا القرار.
نسأل أخيرا، سؤالا مفرط السذاجة، عن مصير التسوية السلمية، وشكل الدولة الفلسطينية، التي عاصمتها القدس، ومصير قرارات الأمم المتحدة، باتجاه مساحات الضفة الغربية والقدس وغزة، وبقية المنظومة القانونية المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي، وهنا لايمكن الا ان نقر ونعترف، ان التسوية السلمية انتهت فعليا، منذ زمن بعيد، لاعتبارات كثيرة، فيما نشهد اليوم، تصفية ماتبقى من القضية الفلسطينية، بدعم من الإدارة الحالية، وهو دعم مشهر، لإسرائيل، لا تخفيه كل النعومة الكامنة، وراء رسائل يبثها السفير الجديد، الذي يتحدث عن سكنه، باعتباره مجرد سكن لرجل أميركي، حر اين يعيش، وكيف يعيش؟!.
الدستور