من متابعتنا لسائر الفنون في عالمنا العربي من نحت و تشكيل وتصوير فوتوغرافي وما يدور حولها من معارض ومزادات ، اصبح لدينا تقيم عام وشامل لهذه الثقافة التي دب في عالمها الفوضى السعرية التي تفتقر في الكثير من حالاتها للسعر المنطقي المتزايد بشكل كبير وغير المبني على تحليل السوق والوضع الاقتصادي العام في المنطقة بالنسبة للفنان البائع او التاجر المستثمر والمقتني الذي يرغب ان يزين هذا المنتج الفني منزله او اروقة مكتبة لإعطاء نوع من الحس الجمالي الدائم ولمسة من الذوق يتمتع بها ومن يشاهدها لديه.
للأسف أصبح الكثير من الفنانين يسعرون أعمالهم بناء على اسعار زملاء لهم لأعمال قد بيعت في مزادات محلية ودولية مبنية على المضاربة الاستثمارية او احتكار بعض دور العرض لمنتج فنان يتم تبنيه ورفع سعره بناء على خطة تسويقية شاملة العرض المحلي له وادراجه في المهرجانات الدولية مرافقة لصدى اعلامي لا يتوافق بعض الاحيان مع حقيقة قدراته الابداعية ورسالته الفنية والراحة البصرية ، لا وبل انها من توقيعه مبنية على رأي فني ماجور، هذا الامر الذي ادى الى هبوط ملحوظ في اعمال الجيل الثاني والحديث منهم لا وبل حديثي التخرج التي اصبحت اعمالهم نتيجة المضاربة المصطنعة اضعاف اسعار اساتذتهم واقتربت من مستوى اسعار الرواد ايضا.
فالعمل الفني هو ايضا سلعة ولكن سلعة استثمارية طويلة الامد حتى لو لم يكن المشتري مستثمر يحكمها ظروف السوق من عرض وطلب، ففي السنوات الاخيرة تضاعف كثيرا عدد الفنانين نتيجة تزايد عدد كليات الفنون الخريجة للطلبة الاكاديميين ومراكز تعليم الفنون للهواة والدروس والدورات التدريبية المبنية على اقناع كل من مزج الالوان ورسم ومن حمل كاميرا وصور اصبح فنانا، وما زاد على ذلك المهرجانات التي تستقطب المشاركين بناء على العلاقات الشخصية او دفع رسوم المشاركة بغية تحقيق مآرب بدعم من مؤسسات هدفها الدعاية وجمع عدد من الاعمال بغض النظر عن جودتها مستثنين بذلك اصحاب الرسالة المجتمعية.
اما بالنسبة للمشترين اي نعم ظهر عدد من المقتنيين من اصحاب الثراء العاشقين للجمال والمولعين بالثقافة الا انه في المقابل هناك مقتنيين هدفهم الاستثمار والربح السريع من هذا المنتج الذي يعمم مستواه ولا يستخف بإيراده بالنسبة لهم ولا نستهين بالشريحة الاكبر وهي التي اسلفنا ذكرها ممن يرغب بتزيين منزله ومكتبه بأعمال محدودة العدد.
ومع هذا فلو قارنا حجم العرض والطلب نجد ان العرض اكبر بأضعاف من مقدار الطلب والمؤشر الصادق عليه هو مقدار الاعمال الراكدة في مراسم الفنانين وحجم البيع في دور الجاليري والتي لا تتجاوز في احسن حالاتها عشرين بالمئة من كل معرض .
وعليه ننصح كل مقتن بالشراء من دور الجاليري ذات السمعة الطيبة والخبرة او الاسترشاد برأي خبير ممن عرف عنهم النزاهة في هذا القطاع ، وكذلك الفنانين بالاستئناس الى رأي وسيط ثقة وعدم الانجرار بفوضى التسعير وتضخيمه المؤدي الى ركود السوق.