كيف تناول "النواب" تقرير ديوان المحاسبة بعد خمسة أشهر
19-04-2017 06:32 PM
عمون - عبدالله مسمار - أصدر ديوان المحاسبة تقريره الـ 64 في مطلع شهر كانون الأول الماضي، واحتوى على 542 صفحة، رصدت تجاوزات وزارات المملكة ومديرياتها ودوائرها الرسمية خلال العامين 2015 و2016.
وجاء تقرير ديوان المحاسبة مفصلا للتجاوزات التي كبدت ميزانية الدولة ملايين الدنانير، في ظل تعثر اقتصاد المملكة ولجوء حكوماتها الى جيب المواطن لسد عجز الموازنة، إضافة الى تجاوزات قام بها مدراء ورؤساء مجالس ادارات شركات وهيئات حكومية.
بدورها، الحكومة لم تتعامل مع هذه التقارير ولم تعرها اهتماما، متجاهلة استرداد الأموال المنهوبة التي تساعد في سد عجز الموازنة وتزيح الكثير عن كاهل المواطن الذي يتحمل نتائج سياسات الحكومات المتعاقبة.
وبدأ مجلس النواب بالتحرك نحو هذه التقارير بعد مرور خمسة أشهر على صدوره، بعدما اقر المجلس جميع قرارات الحكومة المستفزة للمواطن.
وناقش النواب في جلسة أمس الثلاثاء، تلك التجاوزات بعد ضغوطات شعبية وتبني هيئات خاصة للتقرير والتشهير بمواده، إلا ان مناقشة هذه الأوراق والتي خرجت بتحويل 3 وزراء للمدعي العام وتحويل بقية القضايا لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، لم تكن مرضية للمواطنين.
في بداية الجلسة، طالب النائب محمود النعيمات بعقد الجلسة بسرية، الا ان رئيس المجلس عاطف الطراونة رفض، ما اعتبره المواطنون انتصارا لحقهم.
وبدأت خطابات النواب تتعالى بذم الحكومات وارجاع اللوم على رؤسائها متناسين دورهم الرقابي بالحفاظ على المال العام وحقوق المواطنين، في حين اعتبر النائب عبد المنعم العودات ان مجلس النواب غير مسؤول عن محاسبة الفاسدين ولا يعقل أن تنتظر الحكومات المتعاقبة كل هذه السنوات لتحولهم إلى القضاء.
وانتقد النائب خليل عطية تباطؤ الحكومة في التعامل مع تقارير ديوان المحاسبة، معتبرا وعود الحكومة ورئيسها الدكتور هاني الملقي حول مكافحة الفساد "كلام في كلام".
وبدأ النائب محمد القضاة قبل تراجعه عن موقفه، وكأنه يدعو المواطنين الى عدم دفع الضرائب الحكومية الى حين تبدأ بمحاسبة الفاسدين من الحكومات السابقة، في محاولة منه الى اللجوء الى المواطن من جديد، الا انه وضح كلامه فيما بعد بقوله: "على الحكومة ان تقوم بمحاسبة الفاسدين، حماية للمواطنين الذين يدفعون الضرائب".
ودعا النائب علي الخلايلة إلى ضرورة المطالبة بتعديل قانون ديوان المحاسبة لمنحه صفة الضابطة العدلية حتى لو اقتضى الامر تعديل الدستور، لكي تحول القضايا التي يضبطها الديوان الى القضاء مباشرة، الأمر الذي يكشف عن تهرب النواب من دورهم الرقابي في اداء الحكومات.
واعتبر النائب خالد الفناطسة انه لا توجد رقابة حقيقية على المال العام، مستشهدا بقيام احدى الوزارات بشراء قرطاسية بقيمة 2 مليون دينار، مطالبا بفتح بعض ملفات الفساد مثل "القطار السريع"، ولا يعلم المواطن الى الآن ممن يطالب الفناطسة ذلك وهو ممثلهم امام الحكومة وباستطاعته طرح أي ملف يشاء امام المجلس وتوجيه الاسئلة للحكومة.
اما النائب فواز الزيود بدا مستغربا من عدم محاسبة الوزارات للموظفين الذين تثبت عليهم قضايا فساد، مطالبا من الجهات المعنية بتسليم فاسد واحد لتستعيد الحكومة ثقة المواطنين من جديد.
وطلب النائب خالد رمضان من المواطنين تقديم أي معلومات حول الفساد الى مجلس النواب او الهيئات الرقابية، في اشارة منه الى عدم معرفة النواب بالفساد المتفشي في ارجاء الوزارات والمديريات الحكومية.
واعتبرت النائب انصاف الخوالدة، ان تقرير ديوان المحاسبة لم يضبط سرقات الملايين من الدنانير بل ركز على سرقات بسيطة مثل شراء "طقم كاسات"، مطالبة بضبط السرقات الكبرى، متناسية الدور الكبير لمجلس النواب بضبط شبهات الفساد ومراقبة المال العام.
وكشف النائب فواز الزعبي عن قيمة الاموال المنهوبة منذ عام 1993 وحتى 2016 والمرصودة في تقارير ديوان المحاسبة بقوله "انها تعادل حجم المديونية" مطالبا بتركيب كاميرات لكشف الفساد والفاسدين، رغم انه يعرفهم من خلال هذه التقارير.
ولجأ النائب حازم المجالي الى التقرب من الله في حل مشكلة الفساد ومعاقبة الفاسدين بالطلب من خطباء المساجد بالدعاء على الفاسدين خلال خطبة الجمعة، والطلب من وزارة الاوقاف بتخصيص خطبة موحدة حول الفساد.
النائب صداح الحباشنة عاد لمهاجمة الحكومة الحالية متسائلا عن شراء رئيسها الملقي سيارة بقيمة 120 ألف دينار من دون علم النواب، إضافة لإجراء تعيينات لأبناء مسؤولين سابقين وتبرير ذلك بشكل غير مقنع.
وأيده النائب عواد الزوايدة بالإشارة الى ان بعض المناصب مقتصرة على ابناء الذوات ومحرمة على ابناء الأردن بوصفهم "برامكة" الأردن الذين ينتقلون من منصب إلى منصب.
اما النائب محمد الرياطي أكد ان ما اوردته اللجنة المالية النيابية في تقريرها حول تقارير ديوان المحاسبة لا يشكل أكثر من 5% مما ورد في التقارير، وذلك يعني انه يعلم ما نسبته 100% من التجاوزات التي وردت في التقرير، ويستهجن المواطن عدم كشفه للـ 95% من التجاوزات.
وشبه المواطنون النائب علي الحجاحجة بأنه مثل التي "تتحالا بشعر بنت خالها" عندما قال إن وصفي التل قسط على راتبه مبلغ 35 دينارا لتركيب خط هاتف لمنزله خلال شغله منصب رئاسة الوزراء، في حين يسرق المسؤولون بالملايين حاليا.
وكانت المفاجأة الكبرى، حينما طالب النائب عبدالله العتايقة بتحويل ديوان المحاسبة إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، منتقدا ان ترصد شبهات الفساد هذه من دون محاسبة أي أحد، وكأنه لا يعلم ان ديوان المحاسبة يرصد ولكن لا يحق له محاسبة أحد.
وفي نهاية الصراع وبعد سلسلة من الخطابات والهجمات التي نفذها النواب على الحكومات قرر مجلس النواب إحالة 3 استيضاحات إلى النائب العام، وردت في قرار اللجنة المالية وتتعلق بوزراء.