الفرح في تركيا والرقص للإخوان
عمر كلاب
18-04-2017 01:20 AM
يستطيع المتغزلون العرب بالرئيس التركي ممارسة الغزل بكل اشكاله وتلاوينه مع كيل اطنان من المديح لنظام ناجح على المقياس الوطني، بتحقيقه الفوز تلو الفوز في الانتخابات العامة والاستفتاءات الوطنية، فالرجل وحزبه يحققون مرادهم بسند شعبي مدعوم بانجازات على الارض، لكنهم لن يستطيعوا وسط هذا المديح اخفاء خطاياهم السياسية وسلوكهم في ممارساتهم السياسية الوطنية وطريقة بلوغهم للمقاعد مما ينزع عنهم شرعية الفوز ومشروعية الانجاز .
كذلك لا يمكن الوثوق بصدق مشاعرهم حيال الرئيس التركي فقد سبق ان احتفلوا بفوز اخرين ومنهم خصومه وأوهموا مريديهم بظهور صورهم على سطح القمر وعنان السماء، وسبق لهم ان بايعوا وحالفوا ثم انقلبوا، فهم أسرى اللحظة ويبحثون عن اي فوز، فالنظام التركي علماني متصالح مع الدين وليس كما يحلمون هم بنظام ديني متصالح مع العلمانية بصفة الادخال المؤقت، وهزيمة مشروعهم السياسي في الربيع العربي جعلتهم يتلبسون الثوب الاردوغاني ويتفاخرون به.
الفرح الطاغي في اوساط تيار الجماعة الاخوانية وتيارات الاسلام المتأخون معه ومريديه، يثير الاستغراب على المستوى السياسي، فهذا الفرح لا نراه في أي مناسبة وطنية تستحق الفرح، ولا نسمع هذه البراغماتية في التحليل وقبول الاشتراطات المحلية عند مناقشة الشؤون الوطنية، فجميعهم بلا استثناء يقفون بصمت المقابر امام مناقشة الاقتصاد التركي ونسبة الدخل السياحي، وكيف تفتح تركيا ابوابها للسياحة بمعناها الغربي او العلماني الفاسق حسب تعبيرهم، ولم نسمع مجرد ملاحظة عن بيع الخمور والملاهي الليلية وباقي مفردات السياحة، بالمقابل ينعتون الحكومات الوطنية بكل مفردات اللعن لانها لم تمنع الخمور وتتراخى في السفور .
ولكن ماذا عن التطورات التي يمكن ان تشهدها الساحة التركية بعد التحول الى النظام الرئاسي او للدقة بداية الاستعداد للنظام الرئاسي في العام 2019 ؟ وهل سيتقبل المجتمع التركي هذا التحول ام سيعيد حساباته لحظة تغير الاشتراطات التركية الداخلية وتغير ظروف الاقليم المجاور، الذي ان استقر على المرفأ الروسي فثمة حسابات واذا ما نام على الشاطئ الامريكي فثمة حسابات اخرى قد تطيح بتجربة اردوغان وحزبه، رغم كل محاولاته لارضاء القوى الدولية وتحديدا موسكو وواشنطن، هذه الاسئلة يجب ان تقرأها الاحزاب الراقصة على جراح اوطانها وواقعها الاقتصادي والسياسي، ويجب ان تستلهم من تجربة اردوغان وحزبه عقلية التفاعل والاشتباك الايجابي مع الواقع والمحيط دون الاكتفاء بالرقص.
تركيا تعيش اليوم حالة ترقب وقلق، فالنسبة التي انحازت للنظام الرئاسي تجاوزت خصومها بفارق ضئيل جدا – هذا يكفي في اللعبة الديمقراطية – لكنه لا يمنح الفائز راحة بال كما هو الحال مع الراقصين على ايقاع الطبل التركي، ويحتاج النظام الرئاسي الى تجهيز مجتمعي ربما يحتاج وقتا اطول من عامين، لذلك كان عليهم التريث قليلا، وشراء بعض الوقت لانفسهم، فالنجاح التركي سيبقى نجاحا للاتراك وليس لنا، والحياة الرغيدة التي سيعيشها المجتمع التركي لن تنعكس الا على شققهم ومحالهم التجارية في المدن التركية وعلى الاتراك انفسهم، فنحن نعرف ان معظم قيادات التيار الاخواني نقلت استثماراتها الى تركيا، ونطالبهم فقط بالرقص لانفسهم دون تضليل الرأي العام الشعبي بأنه نصر مؤزر لدولة الخلافة .
ما تعيشه تركيا شأنها ونحن نراقب ونحلل من اجل مصالح اقليمنا العربي المجاور للدولة التركية ولكن الواقع التركي وحزب التنمية والعدالة لا يتقاربان سوى في تبعية القيادة الاخوانية للنموذج الاردوغاني فقط .
omarkallab@yahoo.com
الدستور