في سنوات خلت هاتفني احد الزملاء من الرأي، وبعد التحية والسلام والسؤال عن الاهل والاولاد طلب مني "تقصير" مقالتي التي لم تكن في نظري طويلة..فوافقت فخير لك ان يبقى طابق واحد لك من بيتك بدلا من هدمه كله.. وفوق رأسك..!
كنت احسب ان المهمة صعبة ،فقد تمت العملية الجراحية لمقالتي بكل سهولة ويسر وفي وقت قصيرجدا ولسان حالي يقول :ما اصعب البناء ما اسهل الهدم..!
وأتذكر اني دخلت ذات مساء على رئيس التحرير المرحوم الاستاذ محمود الكايد العام 93 من القرن الماضي وفي يدي مقابلة اجريتها في الرباط مع المرحوم خالد الحسن..وعندما قرأها كاملة قال لي: هل نسيت ان ابو عمار في عمان فكيف ننشرمقابلة لالد خصوم ابو عمار ..؟!
كتمت غضبي ..وجمعت اوراقي الموؤودة بحنان ووضعتها في مكان آمن في منزلي،وبعد اكثر من عام مات خالد الحسن في الرباط فجئت ثانية بالمقابلة ل ابو عزمي فوافق على نشرها .. فوق ذلك كتب العنوان وبقلمه الاخضر: "الراي".. تلتقي خالد الحسن قبل وفاته..
قبل سنوات بعيدة كنا اقل من عشرة مندوبين نقيم الدنيا ونقعدها كل يوم بالاخبار الانفرادية وعددمنا لا ينشر او يؤجل نشر عدد منها كانت اصواتنا تملأ ردهات الرأي وغرفها بالصراخ والعويل .. اما انا فقد كنت اكظم غيظي وتعلمت ذلك من الزميل الاستاذ المرحوم صلاح عبد الصمد الذي كان يطفئ غيظي بكلماته وبلهجته المصرية المحببة : الصحفي الحق لازم يتمزق له .. ان ذلك كمن يحول الحديد الى فولاذ..واحيانا يقول لي :لا تنزعج كثيرا الاخبار في الطريق ..كما يقول الجاحظ..!
odehaodeha@ gmail.com