الملك يؤكد أهمية توصيات لجنة تنمية الموارد البشرية وضرورة العمل بها.
أ.د. أمل نصير
16-04-2017 11:52 AM
نشر جلالة الملك عبدالله الثاني ورقته النقاشية السابعة، التي كان التعليم محورها في وقت ازدحم فيه النقاش بين القائمين عليه في الأردن، وبلغ أوجه في مواضيع مهمة مثل التوجيهي، والمناهج، والقبول في الجامعات...فأكد أن هذا النقاش المحموم حول ملف التعليم، لا يقتصر على الأردنيين فقط؛ لأهميته في بناء الأمم في ظل تنامي التقدم التكنولوجي، وضرورة استثمار الطاقات البشرية، والتسابق نحو اقتصاد المعرفة، الذي لن يتحقق دون التمكن من أدواته، والوسائل التقنية الحديثة.
يبدأ إصلاح التعليم بالاعتراف بالتحديات التي تواجهه، ومن ثم ابتكار الحلول الناجعة لها، حتى نصل إلى نظام تعليمي حديث، من هنا أكد جلالته على ضرورة العمل بالتوصيات المهمة التي قدمتها اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، التي كانت نتاج جهد عشرات الخبراء في مجال التعليم في الأردن من خلال اللجان المختلفة التي صاغت مخرجاتها، وقد أكد جلالة الملك وكثير من الخبراء في مناسبات كثيرة أنها الأفضل في وضع الحلول المتكاملة لكثير من قضايا التعليم في الأردن بدءا من رياض الأطفال وانتهاء بأعلى الدرجات العلمية، مع التركيز على جل القضايا التي تؤثر في تنمية الموارد البشرية في الأردن.
وأكد جلالة الملك أن التعليم المتميز وتجويد المخرجات هو استثمار في مستقبل أبنائنا عماد نهضتنا، ولكن الاستثمار لن يكون بدون الإنفاق على التعليم، وعلى ثروتنا البشرية، فلا استثمار يدر من العوائد كما يدر الاستثمار في التعليم، ومن هنا، لا بد من الإنفاق بسخاء على تدريب المعلمين، ودعم الجامعات، وحفظ كرامة العاملين فيها ماديا ومعنويا لمنع هجرة الكفاءات، واستخدام التكنولوجيا في التعليم، والتعليم المهني الذي من أهم حلول علاج البطالة يحتاج إلى المال لتطوير مدارسه، وجلب آلاته وخبرائه، وتشجيع الإقبال عليه إلى غير ذلك من قضايا التعليم، وعلى الحكومة أن تؤمن الموارد المالية؛ لأن كل تأخير في العلاج سيفاقم المشكلات، وسيزيد الكلفة المالية، ويؤخر الدعم المالي الذي أكد عليه جلالة الملك إضافة إلى الأثر السلبي على الوطن، (فليس أمامنا إلا أن نستثمر في هذه الثروة بكل قوة ومسؤولية...)
أما الصراعات، فهي تبعثر الجهود المخلصة وتبددها؛ لذا لا بد من تكاتف جهود الجميع؛ شعبا وحكومة ومؤسسات خاصة وعامة؛ لتوحيد الجهود، وتبادل الخبرات لتجاوز التحديات، وتوفير البيئة الحاضنة، وتأمين الاحتياجات الضرورية من أجل بناء قدراتنا البشرية من خلال منظومة تعليمية سليمة وناجعة، يقوم عليها كل أبناء هذا الوطن وبناته، (من غير المقبول، بل من الخطير أن يتم الزج بالعملية التعليمية ومستقبل أبنائنا وبناتنا في أي مناكفات سياسية ومصالح ضيقة، غير آبهين بأهمية وضرورة استمرار التطوير والإصلاح وأثره العميق على أمتنا وحاضر الأجيال ومستقبلهم.)
التردد والخوف من التطوير ومواكبة التحديث والتطور في العلوم، سيمنعنا من التقدم، بل سيبقينا على طريق التراجع، وسيهدر ما نملك من طاقات بشرية هائلة. فقطاع التعليم هو قطاع استراتيجي بات تطويره ضرورة (فها هي صفحة التاريخ وتجارب الأمم تثبت آلا محيد عن التغيير، ولا مصير إلا إليه، فالتغيير يفرض نفسه، ويثبت ذاته، ويمضي غير عابئ بمن يخشونه).
وهذا كله يفرض علينا امتلاك أدوات العلم الحديث ووسائله، فالتعليم في عصرنا الحديث، الذي يشهد تطورا هائلا في التكنولوجيا، لا يقتصر على القراءة والكتابة، بل يتجاوز ذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت إلى إتقان لغات عالمية أساسية، وامتلاك مهارات التواصل مع الآخرين ومبادئ العمل المهنية، والقدرة على التحليل والتفكير ليكون قادرا على المشاركة في إنتاج المعرفة، والمساهمة في إحداث التقدم، عملا بقوله تعالى (وقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا).
إن أَدب الاختلاف، وثقافة التنوع والحوار؛ تقرّب من أبنائنا أساليب التعبير، وتنمّي فيهم ملكة النظر والتدبر والتحليل، وذلك لن يكون إلا بمناهج مواكبة لهذه الطموحات التي باتت من ضرورات العصر، وبمعلمين يمتلكون القدرة والمهارات التي تمكنّهم من إعداد أجيال الغد.