الشهداء .. وتخليد أسمائهم
مالك نصراوين
24-11-2008 05:58 PM
سنة حميدة درجنا عليها في الاردن ، الا وهي تخليد شهداءنا ، باطلاق اسمائهم على الشوارع والميادين ، كي تبقى اسمائهم ، محفورة في اذهان الاجيال المتلاحقة ، وكي يعرف الجميع حجم التضحيات التي قدموها ، من اجل حرية وطنهم الاردن وازدهاره وتقدمه ، ومن اجل قضايا امتهم العربية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية .
في هذه الايام ، تصادف الذكرى السنوية السابعة والثلاثون ، لاستشهاد ابن الاردن البار ، الشهيد البطل وصفي التل ، الذي قضى غدرا ، امام فندق شيراتون القاهرة ، عام 1971 ، اثناء مشاركته في مؤتمر وزراء الدفاع العرب ، الذي أبى الا ان يشارك بنفسه فيه ، رغم انه كان رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع ، فقد كان يحلم بما هو اهم من مستوى المشاركين الآخرين ، كان يحلم بخطة عربية قومية ، للتصدي للاحتلال الاسرائيلي ومقاومته .
وصفي التل ، اسم احبه جميع الاردنيين ، فقد ارتبط هذا الاسم ، بمسؤول تبوأ اعلى المناصب في السلطة التنفيذية ، اسم ارتبط بالوطنية باحلى صورها ، نزاهة ونظافة يد ، حزما مع الفساد والمفسدين ، بناءا وطنيا وتنمية شاملة ، لكل الاردن من اقصاه الى اقصاه ، لم يحابي منطقة على حساب اخرى ، بل كان للجميع وفي خدمة الجميع ، احبه ابن الكرك بمقدار ما احبه ابن اربد ، فكان ابن كل الاردن ، عرف بالصدق في وعوده ، لم يعد بما لم ينفذ ، حازما وعادلا مع الجميع ومحبا للجميع ، يذكره كل من عاش زمانه بكل الخير ، لم يطعن به احد ممن عمل معه في مواقع المسؤولية ، لا بل ان ما شدني ان اسمع شهادة حق تشيد به ، من قوى حزبية قومية ويسارية قديمة ، وهو الذي الصقت به تهم كبيرة ، ممن تسلقوا حبال الوطنية والقومية ، وامتهنوا الاساءة الى الرموز الوطنية النظيفة ، باستخدام وسائل غير نظيفة .
لقد كرم الاردن شهيده الكبير ، باطلاق اسمه على شارع الجاردنز ، وانا شخصيا احتار باختيار الأسمين معا ، فعند استشهاد وصفي التل ، لم يكن الجاردنز شارعا ، ولم يكن العمران في عمان قد وصل الى تلك المنطقة ، فهذا الشارع برز للوجود اوائل التسعينات ، وف نفس الوقت اعلم ان اسم الجاردنز ، وهي الحدائق بالعربية ، اسم اطلقه شهيدنا على منطقة الجاردنز الحالية ، وهي جزء من تلاع العلي ، والتي كانت في عهده سلة من سلال الغذاء في الاردن ، تحولت لاحقا الى حجارة واسمنت ، وكان من المعروف عن شهيدنا ، انه من اكبر المهتمين بالزراعة ومشجعيها ، فقد كانت حديقة منزلة عامرة بكل الاصناف ، ويعمل على رعايتها بنفسه .
مما يحز في النفس ، ان يصبح اسم الشارع الذي يخلد الشهيد وصفي التل ، معروف لدى الاغلبية من شعبنا باسم شارع الجاردنز ، وان لا يذكر كثيرا على الالسن ، بل يقتصر على اللافتات ، وحين يكتب اسم الشارع بشكل رسمي ، واذكر هنا ان احد كتابنا المعروفين في الصحف اليومية ، والذي لا اذكر اسمه مع الاسف ، قد تطرق الى هذا الموضوع ، والى هذا الشارع بالذات ، وطالب ان تتم تسمية شارع جديد ، لم يسبق ان اطلق عليه اسم اخر ، باسم الشهيد وصفي التل ، وانا هنا اضم صوتي لصوته ، فشهيدنا الكبير يستحق ان يخلد اسمه على كل الالسنة ، عرفانا من الوطن بعظم تضحياته وصدق انتمائه .
m_nasrawin@yahoo.com