لا أظن أن دولة الرئيس يقبل أن تكون حكومته متأرجحة شعورياً فلا هي باقية ولا هي راحلة.. وأنا أعتقد أن العديد من وزراء الحكومة الحالية يعيشون أياماً من القلق والأرق، وربما لم يعرف بعضهم طعم النوم منذ اللحظة التي سرت فيها شائعة التعديل، في ظل التساؤل المؤرق الذي أقضّ مضاجع المعنيين منهم: هل هو باق أم راحل.. هل سيشمله التعديل المرتقب أم لا..!!

هذه الحالة تقود إلى خلخلة في الأداء العام للحكومة، وقد تؤثر بصورة كبيرة على مصداقيتها، كما قد تؤدي إلى إرباك في تنفيذ أجندة الرئيس نفسه، ليصبح غير قادر على المضي في التنفيذ في ظل تراجع أداء وزرائه، وتقهقر الحالة النفسية والمعنوية لهم، مما يفقدهم روح العمل والحماسة والمبادرة، ما ينعكس بالتالي سلباً على أداء الحكومة..

قد يقال بأن التعديل الوزاري مجرد شائعات، وهو أمر طبيعي رافق الكثير من الحكومات، لكننا لم نسمع اليوم ما ينفي هذه الشائعة أو يؤكدها تماماً، فالرئيس مشغول في إصلاح العلاقات البينية بين الأردن وبعض الدول الشقيقة، وهو جهد له وزنه وقيمته الكبيرة، ويبدو أنه بدأ يحقق نجاحات ممتازة على هذا الصعيد ستصب بالتأكيد في مصلحة البلد، خصوصاً وأنه من أصحاب الدولة المقبولين والمرحب بهم على المستوى العربي بكل أطيافه، ما يؤمّل أن يحقق المزيد من النجاح على هذا الصعيد ويعزز مكانة الأردن وألقه في المنطقة..


إضافة إلى ذلك فإن الأجندة الداخلية تحمل الكثير من التحديات بدءاً بحالة التذبذب في الأسعار، والبرامج الرسمية لاحتواء الغلاء، وتنفيذ الأجندة الوطنية وبرامج "كلنا الأردن"، ومشروعات التنمية وتطوير أداء القطاع العام، وسلّة مشاريع القوانين والقوانين المعدّلة التي تنتظر الإقرار والتنفيذ بالسرعة الممكنة..

التحديات التي تواجه الحكومة الحالية كبيرة جداً، وهذا ليس من باب التهويل والمبالغة، كما أنه ليس من باب التقليل من التحديات التي واجهتها الحكومات السابقة، ولكن لكون الرئيس الحالي رجل دولة يصفه بعض المراقبين بأنه "اقتحامي..!"

ويحب مواجهة المشكلات وحلها لا التهرب منها وترحليها، حتى لو أدّى ذلك إلى فقدان شيء من شعبيته في الشارع خصوصاً في الحالات التي تتطلب جراحة وآلام قد تشعر بها الأغلبية العظمى من الناس.. فإن هذا العبء يتعاظم في ظل المبادرة الجريئة والرغبة الجامحة في المواجهة..

ما يفرض على الرئيس مباشرة إجراء جراحة عاجلة لحكومته، فبعض أعضاء فريقه الوزاري لا يستحق أن يبقى (24) ساعة في منصبه، ولا نبالغ إذا قلنا إن بعضهم أعاق عمل الحكومة، وأساء لرئيسها، ولم يقدم شيئاً يُذكر، وقد سمعنا وقرأنا تصريحات أطلقها بعض الوزراء تتناقض تماماً مع تصريحات الرئيس..!!

وسمعنا بعضهم يقول بأنه أول منْ كذا وكذا وكذا.. وأنه المنقذ الأوحد والعبقري الأفهم، وتنظر إلى وزارته فتراها تعيش حالة من الفوضى لم يكن لها مثيل من قبل..وبعضهم لا يشغله سوى تلميع ذاته إعلامياً بأي طريقة وبأي ثمن.. وبعضهم يطلق وعوداً في الهواء وأمام عدسات التلفزيون ثم..لا تنفيذ..!!

بعض وزرائك يا دولة الرئيس وضعوا حكومتك في مهب الريح، وقد آن الأوان لإخراجهم منها، وأؤكد، ربما للمرة الخامسة، بأن الوزارات المعنية بهموم الناس وشؤونهم هي الأكثر مدعاة للتغيير، وأن وزراءها لم يعودوا قادرين على تقديم أي جديد، أو تطوير أي تقليد، ولو سألتني يا دولة الرئيس عن تركيبة حكومة جديدة، لأشرت إليك، بإعادة فكرة الفك والتركيب، ولكن بأسلوب يمنح الحكومة مناعة وحصانة ذاتية ربما لم تكن لتتوافر في أي حكومة سابقة، وهذا يستدعي رجالات ونساء من نوع خاص يمسكون بتلابيب الأمور بفكرهم المبادر وشخصياتهم القيادية، وليس فقط بالشكل والصورة وربطة العنق والاستحواذ الإعلامي..!! ..

فكرة الجراحة المقترنة بإعادة الفك والتركيب يا دولة الرئيس هي وحدها الكفيلة بنقل حكومتك من مهب الريح ووضعها على المسار الصحيح.. فلا يطيل عمر الحكومات أحياناً سوى الجراحات..ولا تغرنّك أشكال بعضهم يا دولة الرئيس، فكثيراً ما ننظر إلى أحدهم فنكفّ عن الكلام.. فإذا تكلّم عصف بنا الملامْ..!!!
Subaihi_99@yahoo.com