"مَلَكَة" تستجير والأدهم ُيلبي
ليلى الرفاعي
15-04-2017 10:21 AM
تُذّكرنا" مَلَكَة" بقصة قديمة من قصص تراثنا الإسلامي العظيم، أن جيوشاً قامت لأجل امرأة استجارت بكلمة "وامعتصمااااه" .... ونحن بزمنٍ قد ظننا أن سيوفنا لازمت غمدها، والطيور غادرت أرضها، والسلام هجر شمسها... ظننا أن الزمان لن يعود، وأن الأحداث التي يطيب ذكراها تموت.
لكن ... الأدهم "الخارج من الريح الجنوبي" الأمير العربي السعودي لبى نداءها، وصهيل سيفه العربي تأوه صارخاً، جئتك فانتصري: "مَلَكَة" : لك ما شئتِ .. هذا جُند من جنود الله، جاء ملبيًا لأمرِ امرأة استجارت بأصحاب النفوذ، فيتولى تلك المرأة بنفسه ويكنفها، إنه سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، الاستخباري المميز، صاحب القبضة الحديدية، قاهر الإرهاب ومستأصله، إنساني النزعة، عُرِف بإنصافه المظلوم، ورده الحقوق، وإقامته الحدود. حين يصبح الأمر واجب، لا تهاون أو تراخِ.
" مَلَكَة " التي روت قصتها، عبر برنامج نزيه، وعَفّ، "الثامنة مع الشريان" تجاوز حدود الممكن، لينقل الحدث لباب أوسع، كفيل بحله، دون سقف لحريته، تربع على عرش الشهرة، لمقدمِ لقب "بكبريت الصحافة" إعلامي مخضرم، مُعّلم متمكن وممتهن، صحافي حُر، خرج من رحم الحرية، مقسط، ومغوار، وصارم، وبَسول، الإعلامي الخطير: داوود الشريان.
التقى " مَلَكَة" وحاورها، لكنه استدمع، فأبكى العالم، ثم بكى، حتى رَجَفت يدِ شريان الصحافة، وأبكانا، ثم أبكانا، في حكاية صمتها أبلغ من الكلام، ودموعها المخلوطة مع دموعنا تحولت عرساً سعودياً ينبض بالحياة، من هي "مَلَكَة"؟ وما حكايتها ؟
امرأة شابة لم تتجاوز الحادية والعشرين عاماً، سعودية من أُم سورية، جارت عليها الحال والأحوال قبل سنين عشر، فهربت بوالدتها من ظلم أخاها المتواجد في المملكة العربية السعودية، إلى الأراضي السورية وهي طفلة، ظانة أن القادم أجمل حالاً، لتعمل وتعيش بحرث الأرض وحصادها، بأجر يسير لا يكفي غدائها المكون من ربطة خبز، وما تبقى فهو علاج لوالدتها المصابة بشلل نصفي يمنعها من الرؤية السليمة، والكلام المسير، فيبتسم لها الحظ لحظة، وتتزوج من ابن خالتها وهي ابنة الأربعة عشر ربيعاً، وتنجب منه طفلين.
يشتد الألم بوالدتها، ويشتد الحال فقراً وجوعاً وحصاراً، في بلد يعاني الحرب والدمار، تقرر ترك عائلتها، لتحاول اجتياز حدوده لتصل إلى الأراضي السعودية، لتقنع أخاها العاصي بمساعدتها، وعلاج والدتها، لكن الحظ المائل يلازمها، فتسجن في السجون السورية شهراً تحت التعذيب، وطعامها طبق الجريش كل ثلاثة أيام، تفقد مبتغاها، ويصبح التمني رسالة تغرق في بحر المستحيلات، لتتوسط حد السيفين فلا هي هنا ولا هي هناك، وفؤاد والدتها المكلوم لله يتضرع.
بخطوة من باب عِتقِ مُسخر، لابنة افتدت والدتها، تستطيع خالتها المتواجدة في عرعر أن تُجني 20 الف ريال من متبرعات سعوديات لإنقاذ "مَلَكة" من قبضان السجون، دُفعت لضابط عسكري سوري الجنسية رشوة لإخراجها .. وبعد جهد جهيد تصل "مَلَكَة" الرياض، وأخيراً بيت خالتها، وتبقى تسعة أشهر بعيدة بعد الحدود التي تقتل الإنسانية وتحتل المشاعر، تسعة أشهر، وطفلتها المفطومة تناديها والحدود تبقى حدود، لا تعترف بالأمومة، أو الأنين أو الحنين و"مَلَكَة" الحزينة تفكر ... والله الرحيم يدبر ...
رسالة وضعت أمل الخلاص.. من بضع كلمات.. تصف الحال لبرنامج مع الشريان، من هاتف "مَلَكَة"، كانت كفيلة لتجعل فريق عمل من نشامى MBC)) يتحول إلى عطاء وقّاد، بقيادة سمو الأمير محمد بن نايف، الذي أولى اهتماما بالغاً بقضية الشابة، فأمر بإحضار والدتها وزوجها وأطفالها من سوريا، وتسهيل مهمة سفرهم ونقلهم وترويضها في يوم وليلة، ومنحهم إقامة مدى الحياة في المملكة العربية السعودية، وفرصة علاج والدتها، هي لفتة كريمة الأخلاق، في مباغتة استديوهية مبكية، أذهلت "مَلَكَة" التي لم تعلم بها، وأذهلت كذلك قلوب العالم، رجفت لها القلوب، واقشعرت لها الأبدان.
شكراً لقلب سموه الرؤوف، شكراً لضخ شريان من الحب في قلوبنا، ُيعلمنا الرحمة والحب والعطاء.