نظرة سريعة على مكونات الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الماضية (2016) تلفت النظر إلى أن القطاع الذي سار بالاتجاه المعاكس ، وحقق نموأً سالباً ، وخفض نسبة النمو الاقتصادي بشكل عام ، هو قطاع التعدين ، وأهم مكوناته الفوسفات والبوتاس.
تقول الإحصاءات العامة أن القيمة المضافة في الصناعة الاستخراجية هبطت بنسبة 4ر16% بالأسعار الجارية أو 1ر12% بالأسعار الثابتة ، وهي أرقام ونسب كبيرة ومؤثرة ، وتستحق الوقوف عندها طويلاً ، وعدم المرور بها مر الكرام.
المفروض أن تكون الامور في هذا القطاع الحيوي على عكس هذه الحالة ، ففي جميع بلدان العالم تحقق الصناعات الاستخراجية أرباحاً كبيرة ، لأنها تحصل على المادة الخام من الأرض دون مقابل ، أو مقابل رسوم تعدين بسيطة ، تتحرك صعودأً وهبوطأً حسب الاحوال.
لماذا إذن لا تبرز شركة البوتاس والفوسفات ضمن أفضل الشركات الأردنية الرابحة ، خاصة وأنها كانت في وقت ليس ببعيد ناجحة ورابحة لدرجة تضاعف سعر أسهمها عدة مرات ، وتوزيع ارباح على المساهمين تتجاوز 100% من رأس المال الأسمي.
هناك نظرة خاصة لكل من شركتي البوتاس والفوسفات من حيث أنه تم بيع نسبة عالية من أسهم كل منهما لمستثمر أجنبي: كندي في حالة البوتاس ، وبروناي في حالة الفوسفات ، ولم تكن العمليات مثالية كما تقول لجنة التقييم.
هذا التأميم الجزئي لم يلق َ الترحيب لرسوخ مبدأ أن الموارد الطبيعية لا تخضع للتخاصية ولا تباع لجهات أجنبية. وكان المعتقد أن المستثمر الأجنبي سيجلب للشركة تكنولوجيا متقدمة ويفتح لها أسواقاً ، ولكن يبدو أن هذا لم يحصل للأسف ، وأصبحت الشركتان في عداد الشركات المتعثرة التي تستدعي التدخل في شؤونها.
العذر الجاهز لتبرير التراجع هو هبوط أسعار الفوسفات والبوتاس والأسمدة في أسواق العالم ، والمفروض أن هبوط أسعار البيع تفرض تخفيضاً في التكاليف ، ولكن يبدو أن هذا الحل ليس معمولاً به وربما ليس متاحأً ، لأن أيدي الإدارة مغلولة في مواجهة تغوّل العمال والمجتمع المحلي.
الحكومة ومؤسساتها ما زالت تملك جزءاً مهماً من رأسمال الشركتين ، ومن واجبها أن تتحرك ، فمن غير المقبول أن تسكت على هبوط نسبة إسهام قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 4ر2% في نشاط كنا نعتبره بترول الأردن.
الرأي