يعجبني برنامج تبثه بعض الإذاعات لا يستغرق سوى أقل من خمس دقائق عن حالة الطرق والإزدحام والحوادث وغيرها , حتى في الإذاعات المتخصصة وبينما أنت على الطريق تضيق أنفاسك وتزفر هواء يعكس ضجرك تريد أن تستمع الى حالة الطرق فتأتيك أغنية لا هذا وقتها ولا هو آوانها , فتغيب عن إذاعاتنا متابعات عن أحوال الطرق والزحام والدليل الى طرق بديلة أقل ضجرا .. هذه واحدة .أما الثانية . فقد نفختنا توجيهات من ينبري للتصدي لحوادث السير حول كل شيء الا عن كيف تسلك طريقك بأمان وكيف تحترم حافلات نقل الطلبة والمشاة الذين يصرون على قطع الطريق من منتصفه ممتطين الحواجز المعدنية مع أن جسر المشاة في مكان غير بعيد .
هذه هي الصورة النمطية في شوارعنا , إليكم ما تراه أعينكم كل يوم وكل ساعة ودقيقة وربما كنتم أنتم من بين من يمارس هذا كله .
سائق الى جوارك ينفث سيجارته بإنتظار ضوء الإشارة الخضراء لينطلق مسرعا , يرمقك بنظرة لا تفهم منها هل هي تهديد أم وعيد ، يريد أن يقول :
مكانك لا تتحرك فأنا من سينطلق أولا , ويا ويلك من سيل الشتائم لو فكرت أن تسبقه أو تتجاوز عنه وهذا يريد أن يلتف عائدا من منتصف الشارعويقول لك .. أوف هي الدنيا طايرة .. ننتقد من يفعلها ونفعلها !! وكأن الناس على الطريق أعداء من دون سابق معرفة , يغيب الإحترام وتغيب معه ثقافة السير على الطريق التي تحترمها كل أمم الدنيا كما يبدو لكننا نصر على أن خرقها بطولة , هذا لا ينتظر ذاك وذاك يريد أن يغلق الطريق على هذا كي لا يمر قبله , حتى لقد ظننت أن الناس يعرف بعضهم بعضا وبينهم عداوة أو تشاحن , أما عن حافلات نقل طلبة المدراس وأذكر الخاصة منها وتلك المصغرة من النوع الكوري فتراها محشوة حتى فمها بطلبة فوق بعضهم بعض , صغار وأطفال يتكدسون , لا ألوم السائق المترزق بعشرة دنانير عن كل رأس من الطلبة على طول الشهر بل ألوم الأهالي الذين يعلقون سلامة أبنائهم بأهداب عجلات باص لا يتطلب الأمر سوى تصادم بسيط لينقلب رأسا على عقب .
بصراحة في الشوارع ثمة قتال من نوع آخر , لا إحترام فيه لأولوية الطريق ولا للشواخص ولا للإشارات ولا للرصيف وما يثير «المغص « عندما ترى سائق تكسي يدس بوز سيارته أمام سيارتك يريد أن يغتصب الطريق ولما تفكر أن يلوح له بيدك منبها الى خطأه , يرفع قفة كفه وكأنه يقول لك «...رروح «.. وهذه هي سيدة تقتحم الطريق لا إحم ولا دستور , وقد تنظر الى يمينها أو يسارها وقد لا تنظر فهي معفاة في طرق فيه رجال ربما نحتاج الى فتوى تجيز النظر ..
هذه إحصائية ربما ستحتاج الى تحديث فقد تسارعت عددا وزمنا , كل خمس دقائق يقع حادث وكل 9 ساعات يقتل شخص وكل 29 دقيقة يسقط جريح .
كل هذا التشدد لم يصنع شيئا حيال الحوادث المتكررة والمتزايدة وبذات الأسباب , فبالتأكيد هناك خطأ سيحتاج الى وقفة .
أزمة السير في عمان لا شك خانقة ومتعبة والحوادث مؤلمة وقاتلة , لا تعرف متى تقع ومن يسقط فيها طفلا أم شابا رجلا أم إمرأة لكن الثابت فيها هو أنها مستمرة مع أحزانها ونتائجها .
وإن كان هذا العدد الهائل من النساء خلف مقاود سيارتهن , فمن يطبخ في البيوت ومن يرعى الأولاد ؟
أزمة السير في عمان تجعلك تحار , كل الناس في الشوارع يصنعون الأزمة في كل وقت وكل ساعة , فمن يجلس في البيوت ومن يعمل في المكاتب وفي المصانع والمتاجر والورش ؟.
ولم نتوقف عن القول أن قيمة إيرادات مخالفات السير ليست المسألة بل المسألة في نتائجها !!
الرأي