هناك شيء غريب يتعلق بالألقاب والمسميات هذه الأيام، بين كل يوم وآخر نسمع عن لقب تم إطلاقه على أحد المشاهير وغيرهم، ألقاب كثيرة لا حصر لها، سفير النوايا الحسنة، وسفيرة النوايا الطيبة، ولقب الأم المثالية الذي حصلت عليه ملكة الرقص الشرقي، السيدة الفاضلة فيفي عبده، بل نُفاجأ بين كل فترة وأخرى بتكريم شخصية ليس لها أي إنجازات سوى التفنن في نشر التفاهات والعري والمنكرات!
المشكلة أن سفير النوايا الحسنة قد لا يعدو أكثر من كونه مهرجاً متسلقاً، وفي أحيان أخرى ليس له محل من الإعراب، وسفيرة النوايا الحسنة قد تقدم أفعالاً مشينة يندى لها الجبين، وبدلاً من أن يطلق عليها لقب سفيرة النوايا الشينة يتم تكريمها في كل مكان، أما أولئك الذين يقدمون المفيد فعلى الأغلب لا يعلم بهم أحد، وإن تم الاحتفاء بهم فمن باب رفع العتب فقط لا غير.
هذا إضافة إلى لقب إعلامي، المنتشر في مكان، يكتب أحدهم كلمتين، فيسمي نفسه الأديب والإعلامي والمحلل والمفكر الاستراتيجي، وآخر يعرض صوراً عدة في «إنستغرام»، ويستخدم «سناب شات» ليتحول إلى إعلامي تتم استضافته هنا وهناك، بل ويشارك في أنشطة خارجية، يخلط فيها الحابل بالنابل، لأنه بكل بساطة لا يتمتع بالصفات التي تؤهله ليكون في هذا المكان.
نحن في عالم غريب، لا يحتاج فيه الواحد إلى شهادة ومؤهلات ودورات ودراسات، والإعلامي لم يعد يحتاج إلى دراسة تخصص الإعلام، أو الدخول في دورات متخصصة، أو حتى التمتع بأي موهبة، والكاتب ليس بالضرورة أن يعرف الفرق بيت التاء المربوطة والهاء في نهاية الكلمة، وعالم الدين ليس بالضرورة أن يفهم في الدين!
المعادلة الصحيحة أن يقوم سفير النوايا الحسنة بإسهامات في خدمة الإنسانية، وسفيرة الإنسانية الحقيقية يفترض أن تتعامل مع غيرها بتواضع واحترام، وتخدم المجتمع بإخلاص وتفانٍ، والإعلامي الحقيقي يحترم مهنة الإعلام، أما الألقاب التي يحصل عليها من لا يقدم شيئاً فهذا دليل على أن الألقاب أرخص من الرخيص.
وفي خضم كل هذا يقفز سؤال حائر، يبحث الكثيرون عن إجابة له، مع أنّ الإجابة واضحة للعيان: من يا ترى المسؤول عن كل ذلك؟ الإجابة باختصار: أنا وأنت وغيرك الذين جعلنا من الحمقى والناقصين سفراء ومشاهير!
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi