ساعة الا ربع فقط .. في جامعة العلوم والتكنولوجيا
مالك نصراوين
22-11-2008 02:56 AM
تجربة فريدة تلك التي مررت بها هذا العام ، وبالتحديد بعد اعلان نتائج الثانوية العامة ، في الاول من آب المنصرم ، تلك التجربة كانت تتمحور حول تأمين قبول في احدى الجامعات الاردنية ، لابنتي التي نجحت في الثانوية العامة بمعدل 82.7 ، وبالذات في احد تخصصات الهندسة التي ترغب بدراستها .
مما لا شك فيه ، ان تأمين مقعد جامعي ملائم لرغبات ابنائنا ، هو احد الهموم الكبرى التي يعيشها المواطن الاردني ، وان تحقيق ذلك غير ممكن دائما ، تلك كانت قناعتي قبل تلك التجربة ، ليس لمتطلب المعدل الادنى الملائم فقط ، وهذا شرط محق ، ولكن لمحدودية المقاعد ، والتنافس الكبير عليها ، والذي يجعل المعدل الادنى المطلوب عاليا نتيجة التنافس ، فالمعدل الادنى مثلا ، للقبول في اي كلية هندسة هو 80% لكن التنافس الشديد على المقاعد ، يجعله يقفز الى 92% .
انها نعمة كيرى للمواطن الاردني ، ان يتوفر له نظام القبول الموازي ، والذي يلتزم بنفس الحد الادنى للقبول ، لكن بتكلفة اعلى قليلا او كثيرا حسب التخصص المطلوب ، واعلاها هو للكليات الطبية ، والتي تصل الى ضعف تكلفة قبول التنافس ، وهي في اغلب الاحوال مناسبة لابناء الطبقة الوسطى ، الذين ما زالوا حتى الآن ، يشكلون اغلبية ابناء شعبنا ، رغم الخوف على هذه الطبقة من الانقراض لاسباب عديدة .
وانها ايضا نعمة للمواطن الاردني ، ان تتوفر له هذه التسهيلات في اجراءات القبول ، وبزمن قياسي ، هذا ما ادركته في ثالث يوم بعد اعلان نتائج الثانوية العامة ، التي صدرت يوم الجمعة ، فانتظرنا حتى يوم الاحد ، بداية الدوام الاسبوعي ، لاستكمال الوثائق اللازمة ، وانطلقنا يوم الاثنين صوب عروس الشمال ، الى جامعة العلوم والتكنولوجيا ، وكانت التسهيلات مفاجأة مدهشة ، في خلال ساعة الا ربع فقط ، كانت الهوية الجامعية في يد ابنتي ، واصبحت طالبة في كلية الهندسة ، لقد كان هذا الامر مفاجأة سارة لم اكن اتوقعها ، واعتقد ان مثلها لا يحدث الا في ارقى دول العالم ، وهذا الأمر دفعني للمقارنة بين تعقيدات دخولي الى كلية الهندسة قبل اكثر من ثلاثين عاما ، وبين التسهيلات التي رافقت دخول ابنتي لها ، علما انني في تلك الفترة لم افكر ابدا بالتسجيل في الجامعة الاردنية ، وقد كانت الجامعة الوحيدة في الاردن آنذاك ، لانه كان من المستحيل علي الحصول على مقعد ادنى بكثير من الهندسة ، وكانت ابواب الجامعات في دول شقيقة ، هي الملجأ الوحيد لنا ، وكانت فرحتنا كبرى ، بالحصول على المقعد الجامعي المطلوب بعد انتظار طويل .
لقد اثلجت صدورنا جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية ، ببساطة اجراءاتها ، وزهد المبلغ الذي دفع مقابل القبول الموازي ، فانتظار اسابيع وما تحمله من حرب اعصاب ، تم اختصارها الى ساعة الا ربع فقط ، اقول هذا الكلام اعترافا بالانجاز ، رغم ان ابنتي قد انسحبت من الجامعة ، بعد قبولها بنفس التخصص بالجامعة الاردنية .
وفي الوقت الذي نسجل فيه للوطن ، مثل هذه الانجازات ، وانجازات اخرى تساهم في رفاهيته ، وتوفير وقت وجهد أبنائه ، فجواز سفر جديد يمكن ان تحصل عليه باقل من ساعة من الزمن ، وتجديد رخصة القيادة في ربع ساعة ، في الوقت الذي نسجل فيه مثل هذه الانجازات الرائعة ، فانني اود ان اشير الى امر آخر لا ينسجم مع هذه الانجازات ، الا وهو مكرمة المقاعد الجامعية لابناء المعلمين .
لقد حصلت ابنتي كما ذكرت ، على معدل عال نسبيا ، وزوجتي تعمل في وزارة التربية والتعليم منذ اكثر من ربع قرن ، ومع ذلك تحصل على مقعد علوم مالية بالتنافس ، ولا تستفيد من هذه المكرمة ، في الوقت الذي حصلت فيه زميلة لها على نفس المقعد وبنفس الجامعة ، على حساب المكرمة ومعدلها 68% ، ، وكانت الخيارات متقاربة ، وحتى رقم الاختيارات متشابهة ، كما ان هناك امثلة عديدة اخرى مشابهة، حيث كانت وزارة التربية بمنتهى الشفافية هذا العام ، وتطورت خدماتها من حيث اعلان الاختيارات على الانترنت ، فكيف يفسر حصول طالبتين على نفس التخصص والجامعة ، والفرق بين معدلاتهما اكثر من 14 علامة ، ولماذا تستفيد طالبة من مكرمة المعلمين ولا تستفيد الاخرى ، ولماذا تكون تبريرات وزارة التربية والتعليم غير مفهومة ، قبل ان اقول غير مقنعة .
m_nasrawin@yahoo.com