خالدُ الخير .. سفيرُ الحبِّ والإخاء
الشيخ غازي بن بشير بن مخلد العتيبي
10-04-2017 12:21 AM
قالت العرب قديما: (عبارةُ الرسول كعبارةِ المرسِل) ومثل ذلك قول الفقهاء: (عبارة كل مبلِّغ تكون بمنزلة عبارة المبلَّغ عنه)، من هنا كانت كلمة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية الأمير خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، عقب زيارة مولاي الملك سلمان بن عبد العزيز لعمان الحشد والرباط، كلمة جامعة معبرة عما تكنه الدولة السعودية شعبا وقيادة لشعب الأردن الشقيق وملكه حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
في كلمة الأمير خالد الخير، التي نشرتها الصحف والمواقع الإلكترونية الأردنية والسعودية إبان القمة العربية الأخيرة، كان السعودي أردنيا وكان الأردني سعوديا، وكانت الحفاوة تُرد إلى أهلها بالاحتفاء والشكر، وظلت ملامح المحبة والإخاء المتبادلين دلالة عميقة على العروبة المتأصلة والحلم والمصير المشتركين.
كيف لا، وعمان الفتوحات أخت رياض الحزم، رئتان تتنفس منهما العروبة هواء الأمن والإيمان بعيدا عن رائحة البارود والدمار والظلام والخوارج، وما كان الاستقبال الأردني الرسمي والشعبي لخادم الحرمين إلا لوحة أخوية رسمها أبناء مؤتة واليرموك احتفالا بزيارة حامي حمى الإسلام وحارس حصنه المنيع الملك سلمان بن عبد العزيز.
يليق بكم أيها الأشقاء الأردنيون أن تفخروا بوطنكم ومليككم، وحق لإخوانكم في السعودية أن يشاركوكم هذا الفخر، وليس أدل على مكانتكم في قلب العربية السعودية من أن الملك سلمان نثر كنانة رجاله فاختار أخلصها عودا وأجملها منطقا وأوسمها حضورا وبشاشة، متأسيا بقول نبي الإنسانية: (إذا أبردتم إليَّ بريدا فأبردوه حسنَ الوجه حسنَ الاسم)، فكان خالد الخير السفيرَ الأميرَ والأخ والنصير لكم ولقضاياكم، غايةً في اللباقة والكياسة وحسن التدبير والاحتراف، وكان الأردنيون كما هم أبدا عند حسن الظن بهم، يكرمون الوافد ويُعزون الحليف والظهير، متأسين بقول نبيهم وجد مليكهم رسول المحبة والوفاء: (إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه).
تعرفون أيها الأشقاء في الأردن أن السفارة والسفراء أول طريقة اتصال بين الأمم والشعوب تنظم العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، عرفها المصريون القدماء والهنود والصينيون واليونان والفرس، وعرفها العرب قبل البعثة المحمدية، وصارت لها مع مجيء الإسلام تقاليد وأعراف أخذت بالتطور والرسوخ في عصور صدر الإسلام والأموي والعباسي وصولا إلى العصر الحديث، لتستقر الدبلوماسية العربية بين الأشقاء وبين غيرهم من الأمم على أساس من الرقي والحضارة والمنافع المشتركة والنظم المتبعة.
نعم أيها الأردنيون الأصلاء والنبلاء، نشامى العروبة ومادة الإسلام، قرأت في تاريخكم، وأنا الذي أمضى جدي عقودا مع الملك المؤسس عبد الله الأول في شرق الأردن، كيف أن أجدادكم ثاروا على شرحبيل بن عمرو الغساني عندما قتل سفير رسول الله إلى ملك بصرى الحارث بن عمير الأزدي، وكيف أنكم ثرتم لقتل رسول الرسول، وساندتم جيش مؤتة عام ثمانية للهجرة، وأكرمتم دفن الحارث في بصيرا بمحافظة الطفيلة الشماء، فكنتم نبراس العرب ومادة الفتح، وها هو خالد الخير بينكم اليوم واحد منكم، له ما لكم وعليه ما عليكم، معتمدا من قبل ولي الأمر يشارككم أفراحكم وأحزانكم، يصنع معكم زمن الأخوة والحب بعد أن كاد عِقد العرب ينفرط على أيدي أعداء الإنسانية أصحاب المشاريع الطائفية والتوسعية، ولأن أول الأعراف الدبلوماسية هو: (المعاملة بالمثل) فإننا في السعودية نعلنها على رؤوس الأشهاد: نحبكم لأنكم تحبوننا.