الحارات أصبحت حواري والصحف أصبحت صحافات والناس أصبحوا ناسات, وهكذا يتم اختراع لغة عربية جديدة عبر الأثير في إذاعاتنا المحترمة.
مذيعون ومذيعات, ما أسرع ما يتنقلن ويتنقلون بين اللهجة الأردنية واللبنانية والنتيجة لغة غير مفهومة فلا هي من هذا ولا هي من ذاك.
إن اردت التلبنن مثلا يا فتاة, عليك أن تتقني اللعبة وإن أردت أن تتحدثي الفصحى عليك أن تقرأي كتابا على الأقل, لكن تكسير اللغة وفرضها على أذني وأذان المستمعين ومنهم من يدخل اللعبة فيروق له أن يجاري المذيعة ف «يسحل « في مقعده بالسيارة أو في العمل أو في البيت ويردد كلمات المذيعة كما قالت, جمع ما لا يُجمع ورفع ما لا يرفع ونصب ما لا ينصب أما الجار والمجرور فحدث ولا حرج.
ثمة لغة جديدة تكتب على الفيس بوك وفي الردود على المقالات والتعليقات, اسمها أربيزي, وهي استخدام الأحرف العربية بمعاني الإنجليزية وقد بحثت عن مصدر هذه التقليعة فوجدت أنها الفرانكو أو العربتيني أو الإنجليزي المُعرب هي أبجدية غير محددة القواعد مستحدثة غير رسمية ظهرت حديثا، يستخدمها البعض في الدردشة على الإنترنت بالعربية أو بلهجاتها، وتٌنطق هذه اللغة مثل العربية، إلا أن الحروف المستخدمة في الكتابة هي الحروف اللاتينية والأرقام بطريقة تشبة الشيفرة. ... هي لغة إلكترونية و «» كول على طول» ..
هذه اللغة أصبحت دارجة, وهو تفسير منطقي لمدى الضعف اللغوي الذي يتمتع به جيل كامل في المدارس, فالشباب يميلون الى استخدامها هربا من اللغة العربية حتى الفصحى المحكية, والمذيعون والمذيعات يختبئون وراءها هربا من ضعفهم اللغوي ودرءأ لعيوبهم اللغوية.
هي لغة جديدة متداولة بين الشباب استفحلت فعلا وأنهكت لغتنا لغتنا واصابت التعليم في مقتل, لغتنا العربية هويتنا وبدونها لا هوية لنا، فمن تهاون في حقها كأنه تهاون في حق نفسه جمالها من جمال حروفها عندما تُنطق وتُسمع وتُكتب، بالخط العربي أحرفها زخارف ولعل أبلغ ما قرأت فيها هو ما كتبه مصطفى صادق الرافعي:» ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر لغته فرضاً على الأمّة المستعمَرة، ويركبهم بها، ويُشعرهم عظمته فيها، ويستلحِقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عملٍ واحدٍ: أمّا الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجناً مؤبّداً، وأمّا الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً، وأمّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ».
ارحموا لغتكم وأعيدوا اليها ألقها, ما يعيب لو استخدمت المذيعة أو المذيع اللغة العربية الفصحى المحكية المأخوذة من اللغة الأم, سلسة وسهلة وناعمة وغير مكسرة, نقبلها على مضض لكنها أفضل من ذلك التكسير الذي تطلون به علينا صباح مساء.
الرأي