حفاوة واشنطن بالملـك ودلالتـهــا
عمر كلاب
07-04-2017 02:11 AM
يبدو ان الصداع الذي يُصاحب رؤوس كثيرين من هدير محركات طائرة الملك مرشح للتصاعد اكثر واكثر , بعد مشهد استقبال الملك عبد الله الثاني بحفاوة بالغة في البيت الابيض وكلمات الرئيس الامريكي دونالد ترمب عن سجاياه وشخصه , ومدى الاحترام الذي يحظى به الملك عند الادارة الامريكية الجديدة وعند الحزبين البارزين في اميركا , فشخصية ترامب صدامية ولا تعرف المجاملة او المهادنة كما يتردد عنه، ناهيك انه غير معروف لكثير من قادة العرب والعالم وهذا انتج تخوفات منه ومن سلوكه السياسي , فحجم الخوف من الترقب في السياسة اعلى من ألم المعرفة ويبدو ان هذه العبارة تختصر ما يجري في اوساط واوصال كثير من الساسة والديبلوماسيين حيال الساكن الجديد في البيت الابيض .
واضح ان السياسة الاردنية التي تعتمد على التدرج في الوصول الى الاهداف وعلى الصدقية حتى وان كانت كلفتها عالية في البدايات , أتت ثمارها، وقد اضفى الملك بشخصه وعمق معرفته بالعقل الغربي على السياسة الاردنية قيمة اضافية، فالكاريزما الملكية واللغة العميقة التي يتمتع بها في مخاطبة الغرب منحت الاردن اسبقية ايصال الفكرة بابسط الطرق واسرعها، واذا ما تفاعلت الاسبقية والبساطة مع الصدقية والصوابية فإن المحصلة ستكون كما رأينا وتابعنا بفخر مشهد حديقة البيت الابيض وحديث ترامب عن شراكة مع الاردن، وهذه مفردة لم يسبق للادارة الامريكية ان استخدمتها بهذا الوضوح والعمق مع دولة غير الدولة العبرية، ونعلم ان كثيرين يحلمون بربع ما سمعه الملك عبد الله وما سيتم تنفيذه حسب ابرز الخبراء الامريكيين في الشأن العربي ديفيد شنكر.
الحديث في واشنطن يتصاعد الآن عن ضرورة دعم الاردن , بوصفه الدولة الاكثر فهما لمشاكل المنطقة والاكثر تحمّلا لاعباء المنطقة وتفاعلاتها، سواء اللجوء البشري او مواجهة التطرف والارهاب، والاهم الدولة الاكثر تماسكا وأمنا وسط سوار النار والجيرة الجائرة، فالدولة العبرية خطر دائم وداهم على الاردن بتطرفها واحراجها للاردن، رغم المعاهدة الموقعة معها، وهي الاكثر تضررا من حجم العلاقة وموانتها مع الادارة الجديدة في واشنطن ولذلك تستبق الاحداث دوما بتصعيد خطر على المنطقة وعلى الاردن , ولعل الملك عبد الله هو الوحيد الذي نجح في تحويل مسار قاطرة ترامب عن سكة نقل السفارة الى القدس وجعله اكثر اهتماما بالشأن الفلسطيني وضرورة انهاء الصراع العربي الاسرائيلي بوصفه ابرز اسباب الارهاب والتطرف ان لم يكن سببها الوحيد في البدايات .
لن ندخل في باب المقارنات مع دول اخرى او استقبالات زعماء اخرين , لكننا من حقنا ان نقرأ الدلالة الامريكية بكثافة، لانها العاصمة صاحبة القرار حدّ اللحظة - حتى لا يعتب احد من انصار القوى الناشئة - التي يمتلك الاردن والملك معها علاقات اكثر من طيبة ويحظى فيها بموانة موازية لموانته في البيت الابيض، فالسلّة الملكية متنوعة ومليئة بعوامل القوة الناتجة عن قوة اخلاق المملكة وقوة اخلاق الملك والتزامه الدائم بقضايا المنطقة والعالم العربي بوعي متقدم عن باقي الساسة العرب، وبحرصه على الحياد الايجابي حيال الاوضاع الداخلية لكل دولة عربية وحرصه الاكثر على استقرار المنطقة ووحدة اراضي اقطارها .
ترامب رئيس جديد ومختلف عن سابقيه بشكل اربك حسابات المشهد الدولي بكليته وليس الاقليم والمنطقة فقط، لكنه كشف عن مخزون ايجابي حيال الاردن وهمومه والآمه الناجمة عن ضيق موارده الاقتصادية وعن جواره الجائر والملتهب وهذا يمنحنا الامان والاطمئنان في لحظة وطنية شائكة تحتاج الى مهارة فائضة عن اللازم لتجاوزه،ا واثبت الملك عبد الله انه قادر على عبور اللحظة ومأزقها بوعي واقتدار .
omarkallab@yahoo.com
الدستور