هل أطلق النظام السوري النار على قدميه في الخان ؟
عمر كلاب
06-04-2017 01:21 AM
منذ سنوات الازمة السورية والخطاب الاعلامي يتحدث عن ضحايا سقطوا بأسلحة النظام السوري او باسلحة حلفائه من الروس والايرانيين، ولم يصدر أي خبر من غير الاعلام السوري الرسمي او المؤيد للنظام – الاعلام الخارجي بصنفيه المستقل والرسمي – يتحدث عن ضحايا سقطوا باسلحة المعارضة، رغم ان الصورة المُشاهدة على الشاشات، هي لقوات المعارضة وهي تقصف او تطلق النار صائحة “ الله اكبر “ وتلك دلالة أخرى تحتاج الى مراجعة وقراءة فدلالة التكبير في وجه قوات النظام السوري، تعني ان المقابل ليس موحدّاً بالله، وهذا يستدرج العطف على الصائحين بالتكبير، ولذلك نرى المنصات الاعلامية والحوائط الافتراضية تضج بالتأييد للمُكبرين وتستجلب الدعاء لنصرتهم امام الكفرة الذين لا نراهم ولا نعرف ان كانوا يكبرون ايضا .
اليوم تعيش الدولة السورية ونظامها افضل اوضاعها منذ بداية الازمة سواء على الارض وفي الميدان القتالي وتعيش ايضا افضل اوضاعها سياسيا سواء على مسار المصالحات الداخلية او على المستوى الدولي، فالحل السياسي للازمة بات مقبولا من كل الدول تقريبا وتحديدا دول النفوذ العالمي والجامعة العربية حسب منطوق بيان قمة عمان، والادارة الامريكية الأقوى في العالم اسقطت خيار اسقاط النظام، وذلك ابرز تحول في الازمة منذ نشوبها، فهل فقد النظام السوري عقله واقدم على اطلاق النار على قدميه باستخدام الاسلحة الكيماوية ؟ سؤال يحتاج الى قراءة والى اجابة عقلية اكثر منها عاطفية سواء من انصار الدولة السورية ونظامها او من اعداء النظام وانصار الدولة اومن اعداء النظام والدولة معا .
التريث في الاجابة مطلوب، كما الاستعجال في الادانة مرفوض، فسبق للصورة المصنوعة في مختبرات جنرالات الاعلام، ان ورطتنا كثيرا في بكائيات كاذبة، وسبق ايضا إدانة النظام العراقي في عهد الشهيد صدام حسين باستخدامه الكيماوي ضد الاشقاء الاكراد في حلبجة وثبت لاحقا ان الذي استخدم الكيماوي هو الطرف الايراني وليس الطرف العراقي، فالمصالحة في سوريا والحل السياسي يقضيان على احلام اطراف كثيرة تحلم بتمزيق سورية وبقائها في دائرة الاشتعال وهناك اطراف يزعجها ويحبط احلامها الحل السياسي ودخول سورية في مرحلة وطنية فارقة لرسم شكل مستقبل سورية على قاعدة التوافق الوطني، رغم ان هذا المشهد بات غامضا في ظل الدعم الامريكي للاكراد في سوريا ومحاولة استنساخ النموذج العراقي لهم على أسوأ تقدير فثمة دراسات ومؤشرات تقول ان الاكراد مقبلون على دولة .
النظام السوري الذي اظهر تماسكا في بنيته خلال الازمة، يمتلك عقلا باردا لادارة الازمة على مستويات متعددة، ويمتلك عقولا نختلف معها او نتفق، الا انها قادرة على تفكيك الشفرة الدولية الجديدة واستخلاص النتائج القادمة، وقصة استخدامه للاسلحة الكيماوية تبدو مستبعدة، رغم بشاعة الصورة ان صدقت، ورغم رفضنا للدم المخنوق او المسفوك من اي سوري واي عربي واي انسان، لكن التوقيت مريب جدا، وتعلمنا في التحليل السياسي ان نقرأ الحدث من زاوية المستفيد منه والخاسر منه كذلك، فالخاسر الاكبر من الحدث هو النظام السوري والجيش السوري والدولة السورية بينما الرابح منه كل اعداء سورية الداخليين والخارجيين، والرابح منه جهات تسعى محمومة الى اجهاض الحل السياسي في سورية وتسعى الى قلب الموقف الدولي الجديد ضد النظام السوري .
معادلة الرابح والخاسر تشير الى استبعاد وقوع الدولة السورية في هذا الحدث المزري والمؤذي لكل نفس بشرية وتؤكد ان حجم العبث الدولي في الازمة السورية اعلى بكثير من السائد عن نظام يقتل شعبه كما هي الجملة الدارجة، وعلى الوعي ان يتقدم اللحظة ويقرأ الحدث بعين الربح والخسارة، فهذا هو الميزان الوحيد في السياسة .
omarkallab@yahoo.com
الدستور