كتب برنارد شو ذات يوم ان المسيح ليس مسيحيا، وتبعه من قال ان ماركس ليس ماركسيا، وناصر ليس ناصريا والقصد من ذلك هو تبرئة او ادانة بعض الاشخاص لأنهم ليسوا اوفياء لاطروحاتهم او ان اتباعهم هم الذين انحرفوا وعزفوا على اوتار اخرى، وحين استخدم البعض مصطلح الاردوغانية نسبة لرجب طيب اردوغان مقابل الاتاتوركية كانوا من حيث يدرون او لا يدرون يعودون قرنا من الزمان الى مصطلحي التتريك والعثمنة.
واردوغان الذي نال شعبية واسعة في اوساط عربية واسلامية في بواكير حكمه يرى البعض انه انقلب على نفسه ولم يعد اردوغانيا سواء تعلق الامر بالعلاقات العربية التركية او بالقضية الفلسطينية، لكن ما يغيب عنا احيانا هو ان الدول تضع مصالحها اولا وربما اخيرا ايضا، وعالم السياسة المحكوم بالبراغماتية لا مجال فيه للعواطف، وحين تولى اردوغان السلطة كان الاعلام التركي يردد عبارة صفر مشاكل لكن بعد اعوام من المد والجزر اصبحت انقرة على خلاف مع اطراف عديدة، سواء في الاقليم او على المستوى الدولي، والنادي الاوروبي الذي طرقت انقرة ابوابه ونوافذه ظل متمسكا برأيه من قبولها عضوا فيه لأسباب باتت معروفة لفرط ما تكررت في وسائل الاعلام . والتوتر الذي تشهده العلاقات التركية مع القارة الاوروبية ينذر بقطيعة تغلق الابواب والنوافذ .
لهذا يقول بعض المراقبين الاوروبيين ان يأس انقرة من دخول النادي الاوروبي هو ما دفعها الى اقصى الغضب والتوتر بحيث وصفت اكثر من حكومة اوروبية بالنازية ان اتاتورك بما له وما عليه بالنسبة لبلاده استطاع ان يحول نفسه من زعيم الى ظاهرة قومية، لهذا فان اتاتورك رحل ولم ترحل معه ظلاله الاتاتوركية، فهل سوف يستطيع اردوغان بكل ما لديه من احلام ونوستالجيا امبراطورية ان يفعل ذلك ؟
الارجح ان الاردوغانية لم تستكمل شروطها بعد، وقد لا تستكملها ايضا ليس لأن الزمن تغير بل لأن اعاصير التاريخ تهب على غير ما تشتهي الاحلام !!
الدستور