جميل ورائع ومقدر ما تقوم به بعض منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، ولكن الملاحظ أنها ترتبط بأشخاص لا بعمل جماعي مشترك!!
مثلا، رئيس منظمة الدفاع عن الديمقراطية، هو رئيسها منذ نشأتها وحتى يحين أجله، ولا يقتنع حتى بخيارات صندوق العدّة، أو تبادل ادوار الا خارج أسوار المنظمة، ولا أعلم بأي فكر يدافع عن الديمقراطية. وقد أوصى بالمنظمة لأحد أبنائه حتى يستمر في الدفاع عن الديمقراطية في بلدنا من بعده!!
حسب معلوماتي، أن العائلات قد تمتلك مطعما أو بنكا أو محمصا أو مضافة، أما أن تمتلك منظمة، فهذه سابقة في الأردن، حيث تظهر كشوفات الرواتب لإحدى المنظمات أن المحاسب شقيق رئيس المنظمة، وموظفة الاستقبال شقيقة رئيس المنظمة، والمدير الإداري نسيب رئيس المنظمة، بينما مدير التوعية زوج عمة رئيس المنظمة، والمراسل ابن جيران رئيس المنظمة، والكارثة أن المنظمة تدعو إلى المساواة وتكافؤ الفرص واحترام الرأي الآخر، وإذا توفي قريب لهم تعطل المنظمة ثلاثة أيام!
الغريب أنه لا يوجد رئيس منظمة "طفران" أو يعاني مثلنا من ارتفاع الأسعار أو حتى من الاكتئاب، فجميعهم، رغم أنهم يدافعون عن الحريات والفقراء والبيئة والمؤشرات تؤكد أنها في انحدار ملموس، إلا أن رؤساء تلك المنظمات أرصدتهم وأناقتهم وسياراتهم تؤكد أنها في أرتفاع ملموس.
لا أعلم كيف لشخص يريد أن يدافع عن الفقراء وسيارته الفارهة الضخمة لا تستطيع الدخول الى أزقة الفقراء؟ كيف نما بداخله حب الفقراء والدفاع عنهم وفي فمه ملعقة من ذهب؟ أليس أولى من باب الدفاع عن الفقراء أن يبيع السيارة ليشتري لهم أرزا وزيتا وعدسا، لا أن يكتفي بالخطابات الرنانة للدفاع عنهم! ولا أعلم كيف لشخص أن يدافع عن الحريات العامة في البلد وهو من ينصح الأزواج الجدد دائما بقاعدة (أرنب سعيد ولا أسد حزين)، في أشارة واضحة الى ضرورة عدم رفض أي طلب للزوجة أو معارضتها، كيف له أن يدافع عن الحريات العامة في البلد وهو لا يستطيع أن يفتح فمه الا عند طبيب الأسنان، ولا أعلم كيف لشخص معني بالدفاع عن البيئة وفي حياته لم يحصد او يحرث او يرعى الأغنام أو حتى ذهب في "شمة هواء" حتى ينمو بداخله حب البيئة النظيفة.
والعجيب أنه يقال إن رئيس منظمة الدفاع عن البيئة لديه تحسس من الأزهار والأشجار والنباتات، ولا يستطيع حتى ان يلتقط معها سيلفي أو زيارتها، بل نما في داخله حب البيئة من مشاهد طبيعية جميلة عرضها أحد المسلسلات التركية!
من غير المعقول أن لا يتم تبديل رؤساء المنظمات في بلدنا وتبقى حكرا على أشخاص بحيث لم يتغيروا منذ نشأتها! وأين هي القوانين التي يجب أن تنص صراحة على مدة معينة لمن يتولى إدارة تلك المنظمات دون تجديد حتى يكون لمعظم الأفراد حق المشاركة فيها؟ وأين هي الخبرات أو التجارب السابقة لهم في نفس المجال حتى يكون الهدف ساميا لا ماليا.
أما بالنسبة للدعم المالي، كيف يتقاضى القائمون عليها رواتب فلكية ومن المفروض أنه عمل تطوعي؟! وهل يتم تقييم إنجازات كل منظمة وانعكاساتها على المجتمع المحلي حين توافق الحكومة على الدعم الخارجي أو على استمرارية تلك المؤسسات والمنظمات؟
بصراحة، وإن كان معظمها يتلقى الدعم من الخارج، فهي تأتي لتنمية مجتمع لا لتنمية عائلة، وكثير منها لم أشاهد لها أي أنعكاس سوى على (كروشهم) !!
الغد