العنف الطلابي صناعة رسمية ولا بديل عن التنمية السياسية في الجامعات
فهد الخيطان
27-12-2006 02:00 AM
جامعة اليرموك ... ثقافة المليشيات تهدد المجتمع
جامعة اليرموك التي أُسست لأنضج حركة طلابية في ثمانينات القرن الماضي تتحول ساحة لأسوأ اشكال العنف الطلابي. على يد المسؤولين والحكومات المتعاقبة حدث ذلك فكما كانت »اليرموك« بداية التأسيس لحركة طلابية وطنية ومسيسة كانت ايضا البداية لمخطط تخريبي يقوم على تغذية المشاعر الاقليمية والجهوية والطائفية في مواجهة الشعارات الوطنية والوحدوية للحركة الطلابية انذاك - وحصل ذلك كله برعاية رسمية واشراف مباشر من اجهزة حكومية نظمت ودعمت عصابات طلابية لضرب وتحطيم واحدة من انظف الظواهر الوطنية في الاردن, وقد شهدت بنفسي تلك المرحلة المأساوية عندما كنت طالبا على مقاعد الدراسة في اليرموك.»نموذج اليرموك« السيئ جرى تعميمه بسرعة على كل الجامعات الحكومية ثم الخاصة بعد ذلك فشهدنا ونشهد بين فترة واخرى اشكالا مختلفة من العنف الطلابي في الجامعات لم تكن يوما موجودة عندما كان الطلاب يتوزعون على تنظيمات طلابية مسيسة وواعية لمصالح الجامعة والوطن.
قبل يومين شهدت جامعة اليرموك واحدا من اسوأ حوادث العنف الطلابي, وقع على خلفية جهوية بالطبع وترافق مع ظاهرة جديدة وخطيرة وهي ما يمكن وصفها بالمليشيات الطلابية.
أشخاص ملثمون وضعوا طلاء أسود على وجوههم, يهاجمون بوابة الجامعة ويقتحمون اسوارها يحطمون كل شيء امامهم على خلفية إشكال »هامشي« على حد وصف رئيس الجامعة. وقوات مكافحة الشغب التي تدخلت يوما في جامعة اليرموك لقمع المتظاهرين من اجل اهداف طلابية مطلبية لم يتسببوا بكسر زجاج واحد, تدخلت بالامس لحفظ الامن ومنع »المليشيات« من تحطيم ممتلكات الجامعة.
بأيدينا صنعنا هذه المأساة في الجامعات عندما استبدلنا الأطر الطلابية بالروابط العشائرية والجهوية وحاربنا الاحزاب بحجة عدم تسييس التعليم والغينا الانتخابات الطلابية وافسدنا المناخ الجامعي بافكار بدائية فلم نعد نفرق بين الجامعة والكوفي الشوب, وانهارت القيم الجامعية على كل المستويات, فلا ثقافة ولا تعليم ولا سياسة ولا انتماء. فقط مجاميع من الشباب المحتقن والمتعصب للعشيرة ومسقط الرأس.
وفي مرحلة لاحقة شرعت الاجهزة الرسمية في تقسيم الطلاب بين موالين ومعارضين عبر مشاريع وملتقيات شبابية وطلابية لم تضف الا مزيدا من الانقسام والتوتر في الجامعات.
الجامعات التي كان يراد منها ان تكون منارات علم وتنوير وثقافة لبناء اجيال جديدة تتحول بفضل هذه السياسة الى معاهد تخرج المتشددين من كل الاصناف, معاهد تحارب السياسة والثقافة, واذا كان لا بد من ذلك فليكن تسبيحا وتأييدا للسياسة الرسمية فقط.
هل نمضي بهذه السياسة المدمرة في الجامعات? ألم يحن وقت المراجعة بعد كل هذا المشهد المأساوي?
التنمية السياسية تبدأ من الجامعات, وتنتهي بالمجتمع, والعنف الطلابي بدأ بالجامعات وقد يمتد للمجتمع بأبشع اشكاله.
يكفي ما حصل ولنبدأ التغيير من الجامعات قبل ان تصبح المليشيات العشائرية والجهوية قوة في المجتمع.