رسالة الملك وأركان المنظومة الأمنية
عمر كلاب
02-04-2017 12:56 AM
ليس مفاجأة أن يتقدم الملك الصفوف ويضع يده على الجرح بصرف النظر عن حساسية هذا الجرح، فمنذ احداث الكرك الاخيرة والحديث الهامس يتصاعد عن انخفاض مستوى التنسيق بين اركان المنظومة الامنية، وما يهمسه الشارع والنخبة عادة يتحدث عنه الملك بصراحة القائد وعقلية العسكري المحترف الذي يسير الى الهدف وفق بوصلة واضحة، هذا الحديث الهامس من النخبة التي اعتادت النميمة وشراء رضى الجالس على المنصب أدخل الشارع في متاهات شبيهة بمتاهات العاب الصحف ابان كانت مصدر التسلية الوحيد، دون مراعاة حساسية الظرف او مراعاة لمنظومة القيم المترنحة تحت ضربات انانية النخبة الهاتفة للقادم والمسيئة للخارج من المنصب.
رسالة الملك الى مدير المخابرات الجديد المعروف بخبرته في التحليل ومهارته في تفكيك اللوغاريتمات واعادة جمعها في مصفوفة وطنية قابلة للقياس، حملت الوجع الاردني الاول وكلمة السر الاولى في النجاح، فالاردن حالة أمن متقدم في الاقليم ونجاح المنظومة الامنية بالتنسيق العالي بين اركانها ينعكس على كل مفردات الحياة الاردنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتنظيم القمة الاخير ومرورها بسلاسة وسط حزام النار يؤكد ان هذه المنظومة ناجحة ومتميزة رغم تراجع منسوب التنسيق، لكنها بالتنسيق العالي تحقق المستحيل وهذا هو المطلوب الأن وغداً، ولعل دخول قوات الدرك الى المنظومة الامنية كشف مدى اهمية هذه القوات ومدى نجاحها في توفير حلقة الربط والوصل بين اطراف المنظومة الامنية كما كشفت تنظيمات القمة العربية.
اول اركان المنظومة، القوات المسلحة – الجيش العربي – الذي يحظى بأعلى قيمة تقدير لدى الشارع الاردني بإختلاف اطيافه وتلاوينه، ونجحت في كسب ثقته واحترامه لوقوفها على مسافة آمنة من القضايا الوطنية ووقوفها على مسافة منفصلة عن السياسة والاعيبها، فحققت النجاح الاحترافي المطلوب وسكنت وجدان الناس، ونجحت اكثر في توفير مخزن للدولة يحظى بالثقة والاحترام وصارت الخدمة في القوات المسلحة دليل تميّز وتقدير وموثوقية بحكم الابتعاد الآمن للقوات المسلحة عن التفاصيل الصغيرة وصالونات النميمة وتفعلها الحيوي مع الناس دون اي اختلال في الواجب العام وثمة سائد ومستقر في العقل الاردني بأن هذه المؤسسة هي الحارس الوفي والمخزن الذي يسند الدولة والنظام ويحمي اركانه .
الركن الثاني، دائرة المخابرات العامة التي تحظى بثقة واحترام الشارع في مواجهتها للارهاب الاعمى المتلصص والمتخفي بعباءة المقدس الديني وقبله مواجهة التطرف الذي كان يتخفى باشكال متعددة وانغماسها في التفاصيل اليومية وضعها في دائرة الاشتباك الايجابي والسلبي مع المواطن، بحكم المرسوم في الذهن عن قوة الجهاز ومنَعته، ورسم العقل الاردني ادوارا وحضورا للجهاز في كل تفاصيل الحياة اليومية، وهذا دليل ايجابي كان يسمح للمواطن بتفريغ الشحنات السلبية في داخله ويمنحه قوة مضافة بقدرته على التغيير وايصال الرسالة التي يعتقد بصوابيتها، واهم معادلة للمخابرات هي البقاء كحارس لقيم الدولة وكلما نجحت في تحقيق المعادلة كلما ارتقت في وجدان الناس على اساس انها جهاز حارس للقيم ويقف على مسافة واحدة من الجميع.
ثالث الاركان، قوات الدرك التي نجحت في الاختبارات الوطنية وتكرّس نجاحها واحترافيتها في القمة الاخيرة بعد ان تبلور دورها كنقطة ارتكاز وتواصل بين الركنين السابقين، فهي جهاز تنفيذي محترف للرؤية الامنية والواجب الامني بحكم عدم امتلاكها لمنظومة استخبارية كما الركنين السابقين، وهذه المنظومة تحتاج الى تنسيق كامل بينها وتنسيق مع جهاز الامن العام الموكول له تفاصيل الحياة اليومية والامن الداخلي كذراع استراتيجي لكل الاركان، ولعل توليفة قيادات تلك الاجهزة من المخزن الموثوق للناس، القوات المسلحة، يمنح الفكرة وتنفيذها نجاحا كبير ويمنح الناس الثقة اللازمة والمتوفرة اساسا بقناعة يدعمها الواقع الفعلي، ورسالة الملك كاشفة وليست صادمة كما يحاول بعض المتلصصين تفسيرها في سلوك ثأري مقيت، فنحن نعيش حالة أمن متقدم وناجح والنجاح يغري بمزيد من النجاح.
omarkallab@yahoo.om
الدستور