القرارات السياسية العربية
د. فهد الفانك
01-04-2017 01:49 AM
معظم الجهود والترتيبات التي تتعلق بعقد مؤتمر القمة في بلد عربي ما ، لا تقع داخل قاعة الاجتماعات أو إدارة المناقشات وصياغة القرارات بل في عمليات الاستقبال والضيافة ، وإجراءات الامن ، والتعامل مع الصحافة ووسائل الإعلام.
موظفون فنيون في وزارات الخارجية في الدول العربية يقترحون جدول الاعمال ومشاريع القرارات ، فيوافق عليها رؤساؤهم ، ويتسلمها المندوبون الدائمون لدى الجامعة ، وهم من رتبة السفراء.
بدورهم يقوم المندوبون الدائمون بعرض مشاريع القرارات على مجلس وزراء الخارجية العرب ، الذين يوافقون عليها كما وردت ، وأخيراً تقدم مشاريع القرارات إلى مجلس الرؤساء على مستوى القمة فتتم الموافقة عليها كما وردت من مجلس وزراء الخارجية العرب ودون خلافات ومناقشات حادة أو هادئة.
لماذا تمر القرارات العربية بهذه السهولة واليسر ، ودون طرح اجتهادات مختلفة حتى لا نقول اختلافات حولها.
الجواب بسيط وهو أن القرارات لا ترتب على الدول الاعضاء أية تصرفات ملزمة ، ولا تخضع للمراجعة والحساب ، فالمقصود تقديم مادة أنيقة للنشر في وسائل الإعلام ، حتى لو كان بعض القرارات مدوراً من القمة السابقة أو التي قبلها دون تعديل.
في اجتماعات الاتحاد الأوروبي ، ُتطرح اجتهادات مختلفة ، وتجري مناقشات ومساومات حادة ، حتى يتم الاتفاق على حلول وسط يطبقها الجميع ، كما يتم ترتيب تنفيذ القرارات بموجب جداول زمنية ، وتكون هناك متابعة حثيثة للتنفيذ حسب المواعيد المتفق عليها. وهناك عقوبات وغرامات مالية على الأعضاء الذين لم ينفذوا ما التزموا به في وقته.
القرارات الأوروبية تصدر برسـم التنفيذ ، وتستحق البحث المعمق والمساومات ، والالتقاء في منتصف الطريق بحيث يمكن التوصل إلى قرار حقيقي.
ليس غريباً والحالة هذه أن لا يستغرق أي اجتماع عربي على المستويات الثلاثة سوى دقائق معدودة ، وحتى الذين لا ينوون الالتزام بالقرار ، لا يعترضون عليه ، طالما أنهم يستطيعون تجاهله وكأنه لم يكن!.
بالنتيجة قرر العرب مجدداً أن السلام هو خيارهم الاستراتيجي ، وطالبوا للسنة الخامسة عشرة على التوالي بتفعيل مبادرة السلام العربي ، وكأنهم لم يسمعوا جواب إسرائيل ، وأكدوا مراراً وتكراراً أن حل الصراعات في سوريا واليمن وليبيا يجب ان تكون بوسائل سياسية ، كما أنهم رفضوا احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث.
المجتمعون وقفوا مع الشرعية في اليمن وليبيا وتجاهلوا الشرعية في سوريا ، ورفضوا انتهاك تركيا لسيادة العراق ، وسكتوا عن انتهاك تركيا لسيادة سوريا.
الراي