منذ سنوات عديدة والبنك المركزي الأردني يحمل في ميزانيته مبلغاً يزيد عن مليار دولار كدين مطلوب من العراق. بعد الاحتلال أخذت أميركا تضغط على الدول الدائنة للعراق كي تشطب هذه الديون ، وهو أمر مفهوم عندما تكون الديون ناشئة عن توريدات أسلحة بأسعار تفوق أضعاف الكلفة ، أما ديون الأردن على العراق فتمثل قيمة مواد غذائية مصدرة لصالح الشعب العراقي ، بموجب موافقات مسبقة من لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة ، وبالتالي فإن المال يخص منتجين أردنيين ، وقد دفع لهم البنك المركزي الأردني حقوقهم بموجب اتفاق مدفوعات بين البلدين.
الدول البترولية الغنية ، قدّمت للعراق مليارات الدولارات لدعم مجهودها العسكري خلال حرب الخليج الأولى لأن ما كان يقوم به العراق كان يدفع الخطر الإيراني عن تلك الدول. حتى تلك الدول الغنية ما زالت تتردد في شطب تلك الديون التي لا نعتقد أن العراق كان ينوي تسديدها بعد انتهاء حربه مع إيران ، باعتبار أنها تمثل تمويلاً لمجهوده العسكري لدفع خطر مشترك.
الأردن بلد مدين ولا يستطيع شطب ديونه على أحد ، وهي ديون مثبتة وموقع على صحتها من قبل ممثلي البنك المركزي العراقي ، وتمثل ثمن منتجات أردنية استهلكها الشعب العراقي عندما كان يمر بأصعب الظروف.
وإذا كان العراق غير قادر الآن على التسديد بالرغم من صادراته من البترول ، فإن الحل المناسب هو أن يتم التسديد عيناً ، أي بموجب شحنات بترول خام.
عندما وقع الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003 ، كانت لدى البنوك الأردنية أموال عراقية طائلة ، خاصة ورسمية. وكانت الحكومة الأردنية تستطيع أن تضع يدها على كامل تلك الأموال وتودعها في البنك المركزي في حساب دائن لمقابلة حساب العراق المدين ، ولكن ذلك لم يحصل ، إما بسـبب ضغوط سياسية ، أو لأسباب قانونية ، أو لتأكيد الثقة بالبنوك الأردنية حيث لا تلجأ الحكومة الأردنية إلى تجميد أموال وودائع الغير لأسباب سياسية كما تفعل أميركا.
الأردن لم يختر الذهاب بحقوقه إلى نادي لندن الذي أعاد جدولة ديون الدول على العراق ، ولم يذهب إلى نادي باريس الذي أعاد جدولة ديون البنوك على العراق ، وفضـّل أن يتعامل مباشرة مع حكومة العراق وبنكها المركزي ولم يحصل على شيء حتى تاريخه.
جاء الوقت الآن لفتح ملف حقـوق البنك المركزي الأردني على العراق ، وإيجاد الطريقة الأنسب لبدء السداد بالأسلوب الذي لا يشكل ضغطاً على موارد العراق المالية ، ولا يلحق الضرر بمصالح الأردن.
الرأي